لا تسير الحياة المهنية لمعظم الأفراد في مسار تصاعدي مستقيم قط. ففي بعض الأحيان، من الممكن أن يجد العاملون أنفسهم عالقين لفترة من الوقت في حالة من الجمود، وربما يحدث ذلك بسبب تعرضهم لبعض الانتكاسات. ولكن، ماذا يتعين عليهم فعله، ولا سيما في تلك المراحل الحاسمة من حياتهم المهنية، عندما يشعرون بأنهم لم يعودوا يتقدمون إلى الأمام؟
تقول راينهيلد فورستنبرغ، وهي مؤسسة ومديرة شركة “فورشتينبرغ اتستيتوت” للاستشارات المهنية في ميونخ، “إنها مسألة سلوك، فيما يتعلق بكيفية التعامل مع مثل هذه المواقف”. وتوضح أن ما ينطوي عليه ذلك هو أن يكون واضحا في ذهن المرء ما هو هدفه في تلك اللحظة، مضيفة أن “مهمة أي شخص مريض هي أن يتعافى من جديد”.
وبالمثل، خلال فترة الجفاف في حياة المرء المهنية، من الممكن أن يساعده تذكيره لنفسه بشيء واحد: وهو أن مهمته الآن هي العمل نحو تحسين الوضع، على وجه التحديد. وينطبق ذلك حتى لو احتاج المرء إلى بعض الوقت أولا قبل أن يتمكن من العودة إلى مشاريعه المهنية. وتقول إن “الشيء المهم هو سيطرة المرء بنفسه على الوضع”.
وفيما يلي أربع خطوات يمكن أن تساعد في ذلك:
أولا، تحفيز المرء لنفسه على الاستمرار: غالبا ما يتعثر الشخص الذي تم تجاوز ترقيته أو فشل في الحصول على زيادة في راتبه، ويسقط في فجوة تحفيزية. وينصح برانكو فوشفيل، المؤلف والمستشار المهني في بلدة شفيدت ببراندنبورغ في شمال شرق ألمانيا، بتحديد معايير صغيرة يمكن تحقيقها من أجل توفير شعور بالإنجاز، حيث من الممكن أن يؤدي ذلك إلى تحفيز المرء على الاستمرار. ويضيف فوشفيل أنه من المفيد أيضا أن يتصور المرء الأهداف المهنية طويلة المدى، وذلك باستخدام لوحات الرؤية أو الخرائط الذهنية، على سبيل المثال.
وتقر فورستنبرغ بأنه في بعض المواقف، مثل فقدان المرء لوظيفته، ربما لا يكون هناك حل جيد متاح على الفور. وتقول: “بعد ذلك يستطيع المرء أن يقول لنفسه: إنها مجرد تفاهات. علي أن أتقبلها. كما يعد تحملها جزءا من العمل أيضا”.
ومع ذلك، فإن الموقف الأساسي للمرء وقناعته، هما أمران مهمان: ويتعين على المرء من أجل القيام بذلك، أن يحصل على الدعم -ولا سيما بعد المرور بتجارب قاسية- حتى يتمكن من استعادة ثقته بنفسه.
ثانيا، النظر إلى الانتكاسة على أنها فرصة للتطوير المهني: يعترف فوشفيل، المؤلف والمستشار المهني، بأن الانتكاسات المهنية يمكن أن تكون محبطة، كما يمكن أن تبطئ التقدم المهني للمرء. ويقول إنه “من المهم ألا يعتبر المرء هذه الأحداث هزائم شخصية، بل فرصة للمزيد من التطوير”.
ويوصي المؤلف بتحليل كل حادثة بموضوعية، ويفضل أن يقوم المرء بتدوين أفكاره عن طريق الكتابة. وهذا هو أمر شديد الأهمية من أجل التعرف على المجالات التي يحتمل تحسينها، والتوصل إلى بعض الإجراءات الملموسة. وعلى سبيل المثال، يمكن للمحترفين أن يهتموا بمهاراتهم التفاوضية، أو يحسنوا أداءهم الشخصي.
من ناحية أخرى، تقول المستشارة المهنية فورستنبرغ، إن النقاط المهنية السيئة يمكن أن تكون فرصة للتفكير فيما إذا كان المرء يرغب في محاولة السير في اتجاه آخر.
ثالثا، إيقاف دوامة التفكير السلبي: عادة ما تتسبب الانتكاسات المهنية في إثارة أفكار ومشاعر سلبية. وقد يكون من بين تلك الافكار شعور المرء بإضاعة وقت ثمين في مرحلة تهدف في الواقع إلى رؤية تقدم وظيفي كبير. وفي ذلك، يقول الخبراء إن المرء يتعين عليه أن يحرر نفسه من مثل هذه الأفكار. وتقول فورستنبرغ: “إن الحياة المهنية ليست سوى طريق واحد يسير المرء فيه… ولكن هناك طرق أخرى يمكنه اتباعها”.
وتوضح فورستنبرغ أن المقصود بـ”الحياة المهنية الناجحة” هو شيء يتعين على الأفراد أن يحددوه لأنفسهم، مضيفة: “ما يهم لا يتوقف على المركز الوظيفي أو السيارة أو الراتب”، موضحة أن الانتكاسات الوظيفية المفترضة يمكن أن تكون بداية لمهنة مرضية يمكن للمرء أن يقوم بتقييمها بصورة شخصية على أنها “كانت أعواما رائعة حقا”.
رابعا، تحليل ما سار بشكل خاطئ: لا يتعين على المرء بالطبع أن يقوم بتجميل كل شيء، حيث يتعين على أي شخص يتعرض لانتكاسات مهنية أو يعاني في حياته المهنية، أن يستخدم هذه المرحلة ليسأل نفسه: “ما الذي سار بشكل خاطئ؟ متى أحتاج إلى تطوير نفسي إذا كنت أرغب في إحراز تقدم؟”.