
ظهرت «النوايا السيئة»، ولم يكن يحتاج لطفي بوشناق الفنان الملتزم بالقضايا العربية والإنسانية لوقت طويل ليفكر في التنازل عن لقب «سفير النوايا الحسنة، لدى هيئة الأمم المتحدة. وأمام طوفان الأقصى فليس هناك من لقب سوى «مقاومة» و»شهادة» لاسترجاع الوطن المسلوب.
بهذه العبارات، التي كتبها على صفحته الرسمية، بالعربية والفرنسية والإنكليزية: «يعلن تخليه عن هذا اللقب، احتجاجا على الصمت الرهيب والعجز لهذه المنظمة أمام ما يحدث في حق المدنيين الأبرياء الفلسطينيين».
حركة لاقت ترحيبا كبيرا في أوساط الجماهير التونسية والعربية على مواقع التواصل الاجتماعي. فقد عبر التونسيون عن تقديرهم لنجمهم الذي عرف بمواقفه الداعمة لقضايا الشعوب، سواء في الوطن العربي أو في جميع أرجاء العالم».
يقول موقع صفحة «الحدث التونسي» على فيسبوك «آثر بوشناق أن يبقى صوته صادحا بالغناء لقضايا الوطن العربي، الذي ليس بخير ولم يكن كذلك منذ أن غرس الكيان الصهيوني في قلب فلسطين. «قلوب تقطّع في كل يوم» وحزن يخيم في كل دار. وهذه فلسطين تدعو الشعوب لنصرة شعب على الظلم ثار، وعنف تجاوز كل الحدود من قصف عنيف بالحديد والنار.
«الغونكور» الفرنسية الملطخة بالدم والعار
أظهر طوفان الأقصى عورة كبرى «الديمقراطيات» وسياسة الكيل بمكيالين أصبحت متلازمة القوى العظمى، لكن المثير للاشمئزاز والسخط هم الكتاب المغاربة، الذين تنازلوا لحد الإسفاف في التعامل مع طوفان الأقصى، وكلهم من المتوجين بـ»الغونكور»، التي لا يمكنها أن تخدم القضايا العربية والإسلامية، بل كشفت، من خلال أبناء جلدتنا، عن أنياب «دراكولا»، التي تقطر بدماء الأبرياء. ومن هؤلاء الروائي المغربي الطاهر بنجلون والجزائريان كمال داوود وبوعلام صنصال، الذين أثاروا سخطا وغضبا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي المغاربة والعرب. فعلى إثر تصريحه لمجلة «لوبوان» الفرنسية ذات التوجه اليميني، ثار المغاربة ضده ونعتوه بكل الأوصاف. فنقرأ على صفحة عدنان منصر على فيسبوك: «اليوم كتب بن جلون مقالا في مجلة لوبوان الفرنسية، قال فيه إنه يشعر بالعار مما ارتكبته المقاومة في 7 الشهر الجاري «ضد اليهود» وإن حماس عدوة الشعب الفلسطيني، وإنها قضت بهجومها ذاك على القضية الفلسطينية، وكلام آخر كثير تخاله خارجا للتو من مخابر البروبوغاندا الليبرالو – صهيونية الفرنسة.
هذا مثقف عربي يقول بالضبط ما يرضي البروبوغاندا الصهيونية الفرنسية، ولا يشعر بالعار إلا عندما تكون الضحية هي من يدافع عن نفسه ضد القاتل. بن جلون لا يرى القاتل إلا عندما يكون فلسطينيا. قرأنا واستمعنا لمثقفين غربيين أكثر إنصافا، وأكثر شجاعة، وسبب الفرق بسيط: أن هؤلاء لا يشعرون بضرورة إثبات فرنسيتهم، وأنه لا ينقصهم شيء».
ويواصل منصر: «وبالفعل فـ»بن جلون» لا يتهم بالبربرية والهمجية سوى الفلسطينيين. لماذا يشعر بالعار، وليس من عار أكبر مما أضحى يرمز إليه هو نفسه؟»!
أما عبد السلام فيزازي، فكتب: «قلت لك يوما يا أبي… قلت يوما لأبي رحمه الله: «هل تعلم أن الطاهر بنجلون، الذي كنت تحترمه يوم كان مجندا عندك في الحاجب سنة 1967، لم يعد المجند الذي كنت تحبه، وتبعد عنه الأشغال الشاقة احتراما لثقافته»، جميل جدا يا أبي أعترف أنه كان يقدم لي دروس الدعم في مادة الفرنسية. ها هو يخرج علينا بمواقف لا تمت بصلة للإسلام، ليتبين أن عداءه موجه علانية إلى حماس المطوقة في سجن مقنن، وعين العالم تنظر ولا تسعف. اليوم يا أبتي أصبح يدافع عن إسرائيل ويضم صوته الى بقية العالم، داعيا إلى إبادة الغزاويين، وكأن مدنييهم لم يقتلوا من قِبل الصهاينة. عجب عجاب يا أبتي، ها أنا أتعمد تمزيق أعماله كاملة، وبإهدائها لي لأنها لا تشرفني».
وأيضا ختم إبراهيم القادري منشوره أنه قد حذف كتبه من مكتبته. وبالمثل قاطعت كتبه الإعلامية التونسية «وجدان بوعبد الله، كصحافية وقارئة، أعلن مقاطعتي لكل قلم وصوت يعادي قضية فلسطين ويظلم شعبها ويساعد ولو بحرف في مزيد من قتل أطفالها وتهجير شعبها، كل قطرة حبر ظالمة هي رصاصة في وجه شعبنا في فلسطين»، حسب ما جاء في تغريدتها على موقع «إكس».
وعلى خطى بن جلون، يكتب كمال داوود «خسرت القضية، واحدا أيضا ممن توجوا بالغنكور، ومن يكتب بـ»لوبوان» الفرنسية أيضا، وكعادته، يبدي مواقف يستهجنها الرأي العام الجزائري والعربي، مثله مثل «بوعلام صنصال»، المطبع علنا مع الصهاينة، وعن طوفان غزة، كان له موقف لخصه محمد مسلم في مقال في جريدة «الشروق» بعنوان صنصال وكمال داود في مهمة تبييض الجرائم الصهيونية»! حيث كتب: «عن هذه الأقلام التي تصف ما أنجزته المقاومة متمثلة في حركة «حماس» بـ «الإرهاب»، بل الأخطر من ذلك يعتبرونها «نزعة ميسيانية» معادية لليهود، بل عمل معاد للسامية»، من بين هذه الأقلام كمال داود وبوعلام صنصال، اللذان انخرطا بشكل مثير للقرف في الحملة الإعلامية الغربية لشيطنة المقامة الفلسطينية، بعد نجاحها الكبير في ترويع جيش الإحتلال الصهيوني وقطعان المستوطنين، الذين تفننوا في سرقة أرواح الأطفال الفلسطينيين العزل».
ويواصل مسلم: وفي مقال في مجلة «لوبوان» اليمينية الفرنسية تحت عنوان «هزيمة القضية الفلسطينية» هاجم داود المقاومة الفلسطينية، واعتبر ما قامت به حركة «حماس» ممارسات تندرج في سياق تغذية «معاداة وكره اليهود».
يقول كمال داود: «ماذا بقي اليوم من القضية الفلسطينية، التي هزت شباب ما يسمى بالعالم العربي لمدة قرن تقريبا؟ ويمضي معلقا: «صور الغارات التي تشنها كتائب «حماس» في إسرائيل لا تقدم نصرا، كما يهتف العالم «العربي»، بل هزيمة مدوية».
ويضيف صاحب المقال: «يتحدث داود عن أشرطة الفيديو التي تظهر مدنيين مقيدين، ونساء مختطفات وأطفال مسجونين وكبار سن يتجولون مثل غنائم حرب، يتم الترحيب بها الآن في الشارع العربي، ليس كحلقة من حلقات إنهاء الاستعمار، ولكن لتأكيد ولادة مسيحانية معادية لليهود». والمسيحانية هي معتقد غربي يؤمن بقرب نزول المسيح. بالمثل تطاول صنصال من خلال جريدة «لوفيغارو»، كبرى منابر اليمين الفرنسي، على المقاومة الفلسطينية ويصفها بالإرهاب – الكاتب المنبوذ جزائريا، وحتى من أهله الذين تبرأوا منه – لم يتردد في وصف المقاومة الفلسطينية بـ»داعش». إنه ثمن الجوائز والشهرة، بئس الثمن الذي يجعل المثقف يبث السم ليقتل به الأبرياء ويكثر من اللعق والتملق ليسمن غير بني جلدته! سينقلب السحر على الساحر.