«الصفحة الرئيسية» هو عنوان المعرض الذي عملت فيه الفنانة الإماراتية موزة الحمراني على تحويل المحتوى الرقمي الزائل، الذي تم إنشاؤه مع بداية انتشار الإنترنت في منطقة الخليج العربي، إلى تجربة رقمية ملموسة وغامرة. تمزج الفنانة في معرضها الذي افتتح في غاليري «فن ديزاين» بالسركال أفنيو، أول من أمس، بين العالمين الافتراضي والمادي، وتعيدنا إلى فضاءات العالم السيبراني وبداياته في الخليج، من خلال إعادة إحياء المحتوى الزائل، ومساحات الحرية الصغيرة التي يوفرها عدم الكشف عن الهوية الحقيقية عبر الإنترنت وقتذاك.
أسئلة جدلية
تطرح الحمراني العديد من الأسئلة الجدلية حول التكنولوجيا، وكيف أثرت في المجتمع الخليجي المحافظ، وماذا يعني عزل المحتوى الرقمي الزائل عن مساحاته الأصلية وتجريده من خلال عرض هذا المحتوى بشكل مجرد ومنفصل عن المساحات المخصصة له. ويعيدنا إلى مرحلة ما قبل انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كان من الممكن إنشاء موقع ويب، من قبل أي متصفح، وكانت تقدم المحتويات المتنوعة على هذه المواقع، كالبرامج التعليمية والمقالات، وغرف الدردشة. توجد الفنانة من خلال هذا المعرض حواراً حول التاريخ الرقمي الإقليمي وتأثيره المستمر على حاضرنا ومستقبلنا.
حب النشر
وقالت موزة الحمراني لـ«الإمارات اليوم»: «اشتقت إلى الأيام التي لم تكن فيها المسؤولية المجتمعية في عالم الإنترنت على النحو الذي هي عليه اليوم، فالناس كانوا موجودين في الإنترنت، وكانوا سعداء لمشاركة أعمالهم ومقالات عدة، ومن دون دوافع، فقد كان النشر وقتها لحب النشر، فيما اليوم تبدلت الظروف، وتغيرت كل أساليب النشر، ولهذا المعرض يقدم المحتوى الخالي من المسؤوليات».
ولفتت الحمراني إلى أن المعرض يسلط الضوء على المحتوى الذي كانت تشاهده، وكذلك تستخدمه، موضحة أنه من خلال الانتقال من عمل إلى آخر، يتحول الشعور عند المشاهد من الحماس إلى الخوف، إذ يتناول العمل الأخير فكرة الاحتراق، ويحاكي فكرة الذكاء الاصطناعي الذي بات موجوداً في حياتنا بطريقة قوية ومخيفة، فالمحاثة الموجودة في العمل، تنقل حالة التعب من الإنترنت، إذ تسأل الذكاء الاصطناعي الموجود عبر الإنترنت عن تقديم مقترحات مفيدة للخروج من عالم الإنترنت.
حسّ فكاهي
شددت الحمراني على أنها حرصت على أن تحمل الأعمال الحس الفكاهي، علماً بأنها أعمال جادة، مع الإشارة إلى أن معظم الأعمال الموجودة عبارة عن مواقع تم استخدامها كأعمال فنية، وعندما يقوم الموقع بعملية تحديث، فقد تخرج على الشاشة محادثة صحيحة أو العكس، وهذا يؤكد على فكرة عدم الوثوق بعالم التكنولوجيا على نحو مطلق. واعتبرت أن المعرض يشكل رحلة عبر الزمن، ورحلة عبر الحالة الذهنية للشخص، وكيف يدخل إلى عالم الإنترنت ويشعر بالتعب والإرهاق، خصوصاً أن كل شيء بات موصولاً عبر عالم الإنترنت.
تعمدت الحمراني إبراز الرمزيات التي كانت تستخدم في عالم المنتديات، حيث عرضت صور الممثلين والتصاميم العشوائية التي كانت تستخدم على نحو كبير في فضاء الإنترنت. وتحدثت الفنانة الإماراتية عن عرض عمل فني على تلفزيون أحد السجون، ولفتت إلى أنها اشترت التلفزيون من سجن أميركي عبر موقع إلكتروني، مشددة على أنها أرادت من خلال استخدام هذا التلفزيون على وجه التحديد، إبراز الجانب الخاص بماضي الإنسان، وكيف يبقى أسيراً له، وبأنه لا يمكن تغيير هذا الماضي، فممارسته عبر عالم الإنترنت لا يمكن أن تمحى. ولفتت إلى أن هذا العمل كان يمكن عرضه على حاسوب، ولكنها ارتأت عرضه على هذه الشاشة المستخدمة في سجن أميركي، نظراً لشكلها الشفاف، ولكونها تخدم فكرة العمل المطروحة، فهي تجسد الوجود في دوامة الماضي المزعجة.