
في ساحة الإعلام المزدحمة بالأسماء والوجوه، يبرز اسم أدهم مدحت صالح كمخرج شاب يسير بخطى ثابتة وواضحة، مبتعدا عن شهرة والده، الفنان الكبير مدحت صالح، وبينما اختار البعض الطريق السهل، فضّل أدهم خوض التحدي، وسلك طريقا صعبا ليصنع لنفسه اسما خاصا، دون أن يختبئ خلف “الأضواء الوراثية”، في هذا الحوار الإنساني والمهني، نقترب من كواليس حياة شاب اختار أن تكون بصمته هي هويته، لا مجرد بطاقة نسب.
هل كان حمل اسم “مدحت صالح” بالنسبة لك عبئًا أم جواز مرور؟
أنا مخرج برامج، خريج كلية الإعلام – قسم الإذاعة والتليفزيون وأحب الإخراج، والكتابة، والمجال الإعلامي بجميع أشكاله بعيدًا عن اسم والدي، أنا شخص يجتهد لتحقيق ذاته، وصناعة اسم خاص به، ووالدي مصدر فخر بالتأكيد، لكن في الوقت نفسه ارتباطي باسمه مسئولية كبيرة تدفعني إلى تقديم عمل على مستوى عالٍ.
كيف أثّرت نشأتك في بيت فني على شخصيتك؟
نشأت في بيئة تُقدّر الفن وتحترمه، مما جعلني أرى الفن كقيمة إنسانية راقية، لا مجرد مهنة أو وظيفة، وورثت من والدي حب العمل، والإخلاص له، والاجتهاد المستمر، فوالدي لا يتوقف عن العمل أبدًا، وهو دائم النشاط والحماس، وقد تعلمت منه ذلك.
هل كنت تفصل بين “الأب” و”الفنان” داخل المنزل؟
لم يكن هناك فرق بين الاثنين، فعلاقتي بوالدي تتسم بالصداقة القوية أكثر من كونها علاقة تقليدية بين أب وابنه، أيضا تأثرت كثيرا بوالدتي رحمها الله، فقد كان لها أثر كبير في تكويني، قد أُشبه والدي في الشكل، لكنني أشبه والدتي في التفكير، وطريقة الحياة، وإدارة التفاصيل.
كيف تتعامل مع الضغوط في مجال مليء بالمنافسة؟
أتعامل معها من خلال الثقة بالنفس وعدم الاستسلام، فالمثابرة والاستمرارية هما مفتاح النجاح الحقيقي، فحين كنت في السابعة عشرة من عمري رافقت والدي إلى الاستوديوهات، وكنت أرى شبابًا في سني يعملون بجد، حينها شعرت أنه يجب أن أبدأ مشواري المهني بجهدي وحدي.
هل تعرضت لاتهامات بالمحسوبية؟
نعم، واجهت مثل هذه الاتهامات، خاصة في بداياتي لكنني تعلّمت أن أترك عملي يتحدث عني، ولم أعد أهتم كثيرًا بمثل هذه الأقوال.
لو عُدت بالزمن، هل كنت ستختار نفس الطريق المهني؟
نعم، لأنني أرى الإعلام مهنة الحياة، فهو ما يُمكّن الإنسان من فهم العالم من حوله والتفاعل معه بوعي ، فأنا أؤمن بحرية التعبير، وحرية الإبداع، واحترام الآخر، وتقبّل الاختلاف، وأرفض التدخل في خصوصيات الناس، هذه هي المبادئ التي أرى أنها تُجسّد التحضّر الحقيقي.
متى بدأت رحلتك في مجال الإخراج؟
بدأت عملي كمراسل في قناة “دريم” عام 2011، مع الإعلامية جيهان منصور وفي عام 2013، بدأت العمل كمخرج في قناة “التحرير”، حيث تتلمذت على يد المخرج شريف جبران، الذي كان له دور كبير في تكويني المهني، وخلال مسيرتي المهنية عملت كمساعد مخرج في عدد من البرامج البارزة مع أسماء كبيرة مثل لميس الحديدي ووائل الإبراشي وغيرهما، والعمل مع أساتذة كبار في المجال يُكسب الإنسان ثقة كبيرة في نفسه، ويجعله معتاداً على معايير عالية من النجاح وهذا بدوره يضع على عاتقي تحديًا دائمًا، أن يكون كل عمل أقدمه بعد ذلك سواء بمفردي أو ضمن فريق على نفس القدر من الجودة والظهور، إلى جانب ذلك اكتسبت خبرة كبيرة من التزامهم المهني وأخلاقيات عملهم، وهو ما أصبح جزءًا أساسيًا من طريقتي في إدارة أي مشروع.
هل تعمل في السينما أو إخراج الكليبات الغنائية؟
لا، تركيزي كله منصبّ على البرامج، سواء التليفزيونية أو الرقمية، وهي المساحة التي أجد نفسي فيها حاليًا.
ما العمل الأقرب إلى قلبك؟
برنامج “من الآخر”، لأنه كان مشروعًا شخصيًا بالكامل، توليت فيه الإعداد والإخراج وطرح الأسئلة من خلف الكاميرا وقد حقق البرنامج أكثر من 45 مليون مشاهدة على منصات “”ON .

هل تتجنب التعاون الفني مع والدك؟
لسنا ضد التعاون، لكننا نشعر أحيانًا أن الجمهور لا يستقبل هذا النوع من المشاركات المشتركة بنفس الحماسة، لذا نفضّل أن يكون لكلٍّ منا مجاله المستقل.
ما الأغنية الأقرب إلى قلبك من أعمال والدك؟
“قلب واحد” هي الأقرب إلى قلبي.
كيف ترى دور المخرج في الوقت الحاضر؟
المخرج يجب أن يكون فنانًا وتقنيًا في آن واحد، كما أن التعاون بينه وبين المنتج الفني (البروديوسر) أصبح ضروريًا لتحقيق عمل متوازن ومتكامل.

ما أكبر تحدٍّ واجهته في مسيرتك المهنية؟
أول عمل أخرجته بمفردي، وهو برنامج “ستايل توك” تقديم المذيعة شيرين حمدى ، كان تحديًا كبيرًا لي كمخرج ناشئ، والحمد لله البرنامج لا يزال مستمرًا ويُعرض حتى الآن، وأنا لا أستطيع العمل على مشروع لا أؤمن به أو لا أتوافق معه فكريًا الاقتناع بالفكرة شرط أساسي لتقديم عمل جيد.
كيف ترى الجيل الجديد من المخرجين؟
جيل موهوب للغاية، ومن أبرز الأسماء التي أتابعها: شريف الأقطش وحسام يوسف وإبراهيم عزت، ياسر العليمي فهناك روح جميلة بيننا كصُنّاع محتوى، وعلاقتنا تقوم على التعاون لا التنافس السلبي.
من هو المخرج الذي تعتبره قدوة لك؟
الأستاذ باسل المبارك. أحب عمله، وأتابعه باستمرار، لأنه يتميز بنظافة الصورة، وتطوّر الرؤية، وأشعر أن طريقة تفكيره قريبة من المدارس العالمية.
ما هي أحلامك وطموحاتك في الفترة القادمة؟
من أكبر أحلامي أن أكون جزءًا من تطوير صناعة المحتوى الرقمي في العالم العربي لهذا السبب أسّست شركتي الخاصة المتخصصة في صناعة المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، وبدأت أولى خطواتي من خلال بودكاست “كلام في الحب”، الذي كان تجربة شخصية وإنسانية مهمة بالنسبة لي، كما أعمل حاليًا على تقديم مجموعة من المشروعات الجديدة، وأتمنى أن أقدّم من خلالها محتوى مختلفًا ومؤثرًا، يليق بجمهور يبحث عن الجودة والتجديد.
وما هو المشروع الحُلم الذي تطمح لتحقيقه؟
لديّ العديد من المشاريع في ذهني أطمح إلى تقديم برامج مختلفة في الشكل والمضمون، برامج تُضاهي ما نراه على المنصات العالمية مثل نتفليكس وأبل تي في، وتُخرجنا من النمط التقليدي للبرامج القائمة على المذيع والضيف في الاستوديو فقط.
أخيراً .. ماذا تقول لوالدك؟
أقول له: شكرا على تعبك ودعمك المستمر، وأتمنى أن أقدم عملا يسعدك ويجعلك فخورا بي.