
يُعد الفنان الراحل مصطفى متولي، واحدًا من أبرز نجوم السينما والمسرح والدراما في مصر، حيث قدّم خلال مسيرته أعمالًا مميزة تنوّعت بين الكوميديا والتراجيديا، ولفت الأنظار بموهبته الفطرية وحضوره القوي على الشاشة.
ذكري وفاة مصطفى متولي
تحل ذكرى وفاة مصطفى متولي، اليوم الثلاثاء، لتُعيد إلى الأذهان مشاهد لا تُنسى من أدواره التي أجاد فيها تجسيد الشخصيات المركبة، خاصة أدوار الشر المعقّدة ذات الملامح الحادة التي لم تُبعده عن قلوب الجمهور، بل زادت من تعلقهم به وأكدت مكانته في ذاكرة الفن المصري.
من هو مصطفى متولي؟
وُلد الفنان مصطفى متولي عام 1949 في مدينة بيلا بمحافظة كفر الشيخ. بدأت ملامح موهبته في الظهور مبكرًا من خلال مشاركته في المسرح المدرسي، قبل أن يقرر صقل موهبته أكاديميًا بالالتحاق بمعهد الفنون المسرحية بالقاهرة، حيث بدأت أولى خطواته الاحترافية.
اتهامات طاردت موهبته بسبب “نسب الزعيم”
تزوج مصطفى متولي من إيمان، شقيقة الزعيم عادل إمام، وأنجب منها أبناءه؛ عادل وعصام وعمر. رغم مكانته الفنية الكبيرة، واجه طوال مسيرته اتهامات بأنه يحصل على أدواره في أعمال الزعيم بفضل قرابته العائلية، وهو أمر اعتبره كثيرون ظلمًا لموهبته التي برهنت على جدارتها.
واستمرت هذه الاتهامات تلاحقه حتى وفاته، رغم تأكيده في مناسبات عدة أن اختياره للأعمال كان دائمًا مبنيًا على الكفاءة والاحترافية بعيدًا عن أي اعتبارات شخصية.


بداية فنية في المسرح والسينما
بعد تخرجه، انطلق في عالم المسرح، وشارك في أعمال لافتة منها مسرحية “يا سلام سلم.. الحيطة بتتكلم”، تلا ذلك ظهوره في أدوار صغيرة بعدد من الأفلام مثل “خلي بالك من زوزو”، “دائرة الانتقام”، و*”ضربة شمس”. كما شارك في عدد من المسلسلات التلفزيونية خلال بداياته، مثل “لا يا ابنتي العزيزة”، “الشوارع الخلفية”، و”دماء على الثوب الوردي”.
انطلاقته الحقيقية في الثمانينيات
شهدت فترة الثمانينيات، انطلاقته الحقيقية، خاصة من خلال تعاونه المستمر مع الفنان عادل إمام، والذي كان صهره بعد زواجه من شقيقته. ورغم الانتقادات التي وُجهت له بسبب هذا التعاون، أكد في تصريحات نادرة، أنه سعى للعمل مع الزعيم طواعية نظرًا لجماهيريته الكبيرة التي تضمن لأي فنان انتشارًا واسعًا.
أبرز أعماله مع الزعيم
من أبرز الأعمال التي جمعت بينه وبين عادل إمام؛ مسرحية “الواد سيد الشغال”، أفلام “سلام يا صاحبي”، “شمس الزناتي”، “جزيرة الشيطان”، “الإرهاب والكباب”، و”بخيت وعديلة”.

تألق خارج عباءة عادل إمام
رغم ارتباطه بعدد من الأعمال مع عادل إمام، أثبت مصطفى متولي جدارته منفردًا في العديد من المسلسلات الناجحة، منها؛ “لن أعيش في جلباب أبي”، “أوبرا عايدة”، “جمهورية زفتى”، “أم كلثوم”، “بابا في المشمش”، “حلم الجنوبي”، “بكيزة وزغلول”، و”سامحوني مكنش قصدي”. وقدم أيضًا العديد من الأعمال التي برهنت على قدرته المتميزة في تجسيد أدوار الشر والطيبة والكوميديا بكل احترافية وتنوع.
بصمة فنية لا تُنسى
ما ميّز مصطفى متولي حقًا هو أداؤه المقنع والمعقد لأدوار الشر، والتي قدّمها دائمًا ببعد إنساني عميق، بعيدًا عن النمطية أو الكاريكاتير. كان يعكس من خلال شخصياته تناقضات النفس البشرية، مما جعله محبوبًا رغم قسوة أدواره، وترك أثرًا بالغًا لدى الجمهور والنقّاد على حد سواء.
رحيل الجسد.. وبقاء الأثر
رحل الفنان مصطفى متولي عن عالمنا في مثل هذا اليوم، لكنه ترك وراءه إرثًا فنيًا خالدًا لا يزال حيًا في ذاكرة الفن المصري، وتشهد أعماله على موهبة نادرة وقدرات تمثيلية استثنائية، حيث أجاد التنقل بين الرعب والضحك، وبين القسوة والحنان، في تناغم فني نادر لا يتكرر كثيرًا، وقد بقي حضوره طاغيًا رغم الغياب، واستمر تأثيره في وجدان الجمهور.
