بأصواتهم التي مازالت تتجول في ذاكرة جيل بأكمله، أكد كلّ من الفنانين الأردنية قمر الصفدي، والعراقي فلاح هاشم، على أن الفنون جميعها تخدم الطفل وتصقل مواهبهم وخبراتهم، فهي قادرة بجميع مجالاتها على فتح نافذة أمامه ليدخل إلى عوالم ساحرة تمكّنه من اكتشاف الجمال في الإبداعات الإنسانية وترجمة خيالهم وما بداخله بشكل يسمح له بتبادل المعارف الإنسانية مع نظرائه دون لغة موحدة.
جاء ذلك خلال ندوة حوارية “بعنوان فنون ومعارف” استضافها مهرجان الشارقة القرائي للطفل في دورته الـ11 وأدارتها الشاعرة الإماراتية شيخة المطيري، تطرقت إلى الحديث عن أهمية الفنون للأطفال ودورها في قيادته نحو آفاق من الجمال والإبداع، والدور الذي لعبته المسلسلات الكارتونية المدبلجة خلال فترة الثمانينات والتسعينيات من القرن الماضي على لغتهم العربية وأثرها في ترسيخ حبهم لها وتعزيز معارفها لديهم.
وفي مستهل حديثه أشار الفنان العراقي إلى أن الفنون جميعها تقدّم للفنون التشويق وتسهّل له تلقي الرسائل التربوية التي يتلقاها سواء في المدرسة أو في البيت أو من خلال العمل الفني الموجه له، مؤكداً أن الجيل الذي تربى على مسلسلات الدبلجة باللغة العربية لغته متينة وذات قيمة ولسانه فصيحاً لأنه تلقى منذ النشأة الأولى لغة قوية رصينة ترسّخت في ذاكرته.
وتابع”: أدرك تماماً أن الطفل بطبيعته الفطرية مقلّد لا متلقٍ، هذا أمر مهم للغاية على الجميع خصوصاً الآباء أن يستشعروا بقيمته وأهميته لأن الطفل هو ابن بيئته ومحيطه يقلد ما يراه فالطفل الذي يربى في عائلة تقرأ سيخرج قارئاً، والذي يجد نفسه أمام آباء جلّ اهتمامه وسائل التواصل لن يبحث عن الكتاب وهذه خطورة تلوح في الأفق خاصة في أيامنا هذه التي تكثر بها وسائل التواصل والتقنيات المتنوعة التي بكل تأكيد مليئة بوسائل ومضامين ترفيهية بها الكثير من الابتعاد عن ثقافتنا ومعاييرنا اللغوية والأدبية”.
ولفت هاشم إلى أن الواقع الذي يعيشه الطفل الآن بعيد عما كان عليه سابقاً، واصفاً الانتاجات العربية الموجهة للأطفال خاصة الكارتونية منها بالشحيحة وتكاد تكون معدومة، قوله”: الكثير من الأشخاص يذكرونني بالأعمال التي قمت بها، أصادف الشباب الذين كانوا أطفالاً آنذاك ويذكّروني بأنني كنتُ قد قدمت شخصية عدنان في مسلسل عدنان ولينا، وليدي اوسكار والرجل الحديدي وغيرهم، وهذا أمر أفخر به وسعيد من أجله أنني تركت في ذاكرة هذا الجيل صوتاً ما زال يروي الحكايات حتى الآن في بالهم”.
من جانبها قالت الفنانة الأردنية قمر الصفدي”: التجارب الإنسانية هي التي تقود الأعمال الفنية وتؤرخها وتضعها في سياقها التاريخي والمعرفي، ولا يمكن أن نغفل عن حقيقة أن الطفل في سنوات عمره الأولى يكون أكثر من أي عمر آخر قادراً على شرب المعرفة والمعلومات التي تقدم له ويمكن أن نشبهه بالإسفنجة التي تمتص كلّ ما يقدم لها من معلومات لذا على الجميع أن يكون حذراً في هذا الأمر سواء كان الأهل أو المدرسة والإعلام أو الدولة، ويراعوا طبيعة المواد التي تقده له وشكلها ومضامينها”.
وتابعت”: الفنون بشكلها العام لها تأثير كبير على ذائقة ومخيلة وشخصية الأطفال، ويجب أن تراعي الدول ووسائل الإعلام وبالأساس الأهل طبيعة ما يقدم للأطفال من مضامين فنية فإنها تعلق لديهم للأبد ولابد من أن يتذكروها طوال حياتهم، فيجب مراعاة هذا الأمر، ناهيك عن أن الأعمال التي تتوجه للأطفال بلغة سليمة ومضمون يحاكي القيم والأخلاق والثقافة العربية هي أعمال تسهم بالضرورة في تعزيز قدراتهم الإبداعية وترسّخ بداخلهم حبّ اللغة والثقافة العربية بجميع مكوناتها لذا يجب أن نكون حريصين وبشكل كبير على تقديم كلّ ما يفيد الطفل ويجعله قادراً على اكتشاف الجمال في جميع الأشياء من حوله”.