
ماذا يحدث للمنتخبات الكروية الوطنية، سؤال يردده متابعو الكرة الإماراتية ومحبو اللعبة خلال الفترة الماضية.
وربما قبل ذلك بسنوات عدة، بعد أن غابت تلك المنتخبات عن تحقيق أي إنجازات سواء على صعيد المراحل السنية التي خرجت تقريباً من كل البطولات التي شاركت بها، أم على صعيد المنتخب الأول الذي أخفق في الوصول إلى كأس العالم 2022، على الرغم من الإمكانات الكبيرة التي توفرها الدولة مادياً أم معنوياً.
شهدت الفترة الماضية العديد من الإخفاقات، بعد أن ودع المنتخب الأول تصفيات التأهل لمونديال قطر، بعدما خسر أمام استراليا بهدفين لهـــدف في الملحق الآسيوي الذي أقيم في قطر، بعد أن تصدر المنتخب قمة المجموعة السابعة في الدور الحاسم للتصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم بعدما حصد 18 نقطة، إذ خــــــاض ثماني مباريات فاز في ست وخسر في مباراتين.
المنتخب الأولمبي خرج أيضاً من الدور الأول لبطولة غرب آسيا للمنتخبات الأولمبية في السعودية، كما سبق وخرج منتخب الشباب 2003 من كأس العرب تحت 20 عاماً في مصر، وشارك فيها المنتخب ضمن المجموعة الثانية.
وكذلك الخروج من بطـولة اتحـاد غـرب آسيا للشباب، كما خرج منتخب الشباب من بطولة كأس العرب تحت 20 سنة والتي أقيمت في أبها السعودية بعد الخسارة من اليابان والتعادل مع طاجيكستان والفوز على الأردن، كما خرج أبيض الشباب من التصفيات الآسيوية التي أقمت أخيراً في بتشكيك بعد الخسارة من إيران بهدفين.
ولم يكن حال منتخب الناشئين أفضل من سابقيه بعد الخروج من بطولة غرب آسيا الثامنة التي أقيمت في السعودية بعد الخسارة أمام المنتخب السعودي بثلاثة أهداف نظيفة، والخروج من دور المجموعات لبطولة كأس العرب بعد الخسارة من السودان والجزائر والتعادل مع فلسطين.
خلل
حصاد الأبيض في مختلف المراحل «مر» ولم يكن على قدر الطموح، على الرغم من استقدام مدربين من مدارس فنية مختلفة، ولكن النتائج التي شهدتها الفترة الماضية في مختلف البطولات لم تكن على مستوى الطموحات والآمال المرجوة من قبل المسؤولين والجماهير لوجود خلل في منظومة العمل.
حيث اختصرت فترات الإعداد والتجهيز وأصبح الاستعداد لبطولات المراحل السنية يتم من خلال تجمعات قصيرة لا تتعدى الأسبوعين، ولعب مباراتين وديتين أو ثلاثاً وبالطبع تكون الفترة قليلة للغاية لتجهيز فريق يشارك في تصفيات قارية، حيث يحتاج الفريق لفترات إعداد متواصلة ولعب ما بين 15 إلى 20 مباراة ودية.
ويأمل جمهور الكرة أن تكون الفترة المقبلة أكثر نجاحاً من الفترة السابقة، سعياً للتعويض وإرضاء الجماهير والوصول إلى منصات التتويج، سواء في «خليجي 25» التي ستقام خلال الفترة من 9 إلى 19 يناير المقبل، وبطولة غرب آسيا المقررة في الإمارات من 20 مارس إلى الثاني من أبريل، ثم كأس آسيا 2023 التي لم يتحدد مكان إقامتها رسمياً حتى الآن بعد اعتذار الصين.
إنجازات
ويتذكر متابعو كرة الإمارات العصر الذهبي الذي عاشته منتخبات المراحل السنية، منذ أن فاز منتخب الشباب بكأس آسيا عام 2008 وتأهله إلى كأس العالم في مصر ووصوله إلى دور الثمانية، وتأهل منتخب الناشئين إلى مونديال نيجيريا ووصوله إلى دور الستة عشر.
حيث يعتبر عام التألق والازدهار لمنتخبات المراحل السنية في اتحاد الكرة، نتيجة الاهتمام المتزايد بهذه المنتخبات، سواء إدارياً أم مالياً أم فنياً، وهنا لابد من الإشادة بمجلس إدارة اتحاد الكرة حينما كان يتولاه سمو الشيخ سعيد بن زايد آل نهيان الذي أولى قطاع المراحل اهتمامه وتكوين مراكز تدريب على مستوى الدولة.
واتبعه بعد ذلك مع مجلس معالي اللواء محمد خلفان الرميثي الذي أولى هذا القطاع الحيوي جل اهتمامه معنوياً ومالياً، ودعم المنتخبات بمدربين مواطنين يشهد لهم بالكفاءة، لذلك تحققت العديد من الإنجازات.
بعد تلك الإنجازات توالت الإخفاقات والخروج المبكر من البطولات، سواء من التصفيات أم الدور الأول للنهائيات الآسيوية، مما أبعد المنتخبات عن المشاركة في كأس العالم لفئتي الشباب والناشئين، على الرغم من تطبيق منظومة الاحتراف.
ولكنها لم تؤتِ ثمارها لقطاع المراحل السنية، سواء في الأندية أم المنتخبات، بعد أن توجه معظم الصرف المالي للفريق الأول، ومع ذلك لم تحقق تلك الفرق أي إنجازات قارية تعادل ما يصرف عليها من أموال، باستثناء فوز المنتخب الأول ببطولة الخليج مرتين في عهد يوسف السركال. وخلال السنوات الماضية خسرنا أجيالاً متعددة من اللاعبين الموهوبين كان يعول عليهم للمستقبل.
وجاء الخروج مريراً، وترك انطباعاً سلبياً عن مستقبل منتخبات قطاع المراحل السنية، وأن المستقبل يبدو مظلماً، وأصبحت الأندية تعتمد على سياسة «تيك أواي» لاستقدم لاعبين جاهزين بدلاً من الاهتمام بالقاعدة.
لذلك قلّت المواهب الواعدة التي من شأنها تعويض الجيل الذهبي بعد قلت مشاركة اللاعبين المواطنين في المسابقات المحلية للعديد من الأسباب، منها الاعتماد الكبير الآن على اللاعبين المقيمين، لدرجة أن عدداً من الأندية تضم بين صفوفها لاعبين مقيمين يزيد عددهم على 20 لاعباً بالفريق الواحد سواء مسجل أم غير مسجل.
تبريرات
البعض يبرر الخروج من البطولات القارية بأن عدد سكان الإمارات قليل وأن قاعدة الاختيار محدودة، وأن الإمارات ليست البرازيل، لكي تتأهل إلى كل بطولة وتنافس على الألقاب، ولكن أصحاب هذا التبرير غير مدركين أن الاهتمام بالمنتخبات وتوفير الاحتكاك الجيد لها حقق نتائج طيبة خلال عام 2009.
حينما تم إسناد المهمة لكوادر مواطنة متميزة، وتم توفير احتكاك على مستوى عالٍ سواء داخل أم خارج الدولة، وأن الاهتمام الإداري كان على أعلى مستوى، والرؤية واضحة، وحينما فقدنا ذلك كانت المحصلة خروجاً مريراً من البطولات القارية.