مع كل موسم جديد من “أيام الشارقة التراثية”، يعود صُناع البهجة إلى قلب الشارقة، ليسحروا الجمهور بفنون ومقتنيات ورقصات وحرف لها عبق الماضي. وفي الدورة الحالية من “الأيام”، تشارك “جمعية ابن ماجد للفنون الشعبية والتجديف” بمعرضها الغني بتراث البحر، وفرقتها التي تلفت الأنظار بحيويتها ومحافظتها على ألوان من الرقص والغناء، تبعث بهما الحماس والرغبة في معانقة الأمواج، إذ كان لحضور الفرقة أثر في تحقيق شعار الحدث “التراث الثقافي يجمعنا”، حيث تحلق حول عروضها كل من افتقدوا صوت “النهام” واحتفالات الصيادين بعد كل موسم صيد وفير.
تغيرت أدوات الصيد القديمة واستبدلت بأخرى حديثة، لكن النهمات البحرية وأغاني الصيادين مستقرة وراسخة، هذا ما يقوله مؤسس الجمعية ومديرها، الباحث والشاعر ناصر حسن الكاس آل علي. وعن تأسيس الجمعية قال: “إن شغف أسرتي بفنون البحر قادني في أول الأمر إلى تأسيس فرقة فنية، كانت تؤدي فقراتها في الأعراس، ثم حصلت على الدعم الرسمي وتم إعلانها جمعية. ومنذ أن تأسست في عام 1984، لا تزال تلم شمل عشاق الفنون الشعبية الخاصة بالبحارة وتراثهم العريق”.
تعتمد فرقة الجمعية على تنويع أدائها، لتشمل الأهازيج الجماعية والفردية والرقصات والإيقاعات الشهيرة، كما تقدم شلات أهل البحر وشلات أهل البر. وكلما حان دورها لإطراب الجمهور في ساحات قلب الشارقة، يتحلق زوّار الأيام التراثية للاستمتاع بما تقدمه من عروض.
تتخذ جمعية ابن ماجد من رأس الخيمة مقراً لها، ومنها تنطلق لتجوب المهرجانات المحلية والدولية بأنشطتها. وتعرض حالياً في جناحها بقلب الشارقة مقتنيات وأدوات تتعلق بالغوص والصيد، إلى جانب القطع التقليدية التي تحول بعضها بفعل الميكنة التي دخلت على القوارب إلى رموز من تراث الإبحار. ويقابل الزائر فور دخوله الجناح باللبس التقليدي الخاص بالغواص، وقطعة الدوار الخشبية التي كانت تستخدم لسحب السفينة من البحر إلى اليابسة والعكس. ومن بين المعروضات أيضاً، هيكل مصغر لقارب الصيد التقليدي.
أما القواقع البحرية ولوحاتها، فتأخذ مساحة بارزة من جدران جناح الجمعية التي تفرد منشوراتها لصور القواقع ولوحاتها صفحات ملونة، تبرز الجماليات وأخاديد الألوان والزخارف الطبيعية التي تتماوج على ظهور القواقع، مما شجع بعض منتسبيها على اتخاذ الأصداف الملونة مادة لإنتاج لوحات تغري عدسات الكاميرات بتصويرها.
ومما تحافظ عليه جمعية ابن ماجد أيضاً صناعة شباك الصيد، فكل من يطل على جناحها يصادف حرفيين ينسجون الشباك، وخلف ظهورهم ينتصب القرقور الخاص بالصيد، مصنوعاً من خامتين مختلفتين، الأول من سعف النخيل والثاني من الأسلاك، وبينهما زمن ممتد من الغناء للبحر.