تتباين جوائز البطولات من قارة إلى أخرى، وبين نسخ كأس العالم نفسها، لتصنع عالماً للأغنياء والفقراء في كرة القدم، إلا أن هذا لا يقلل من شعبية اللعبة، ولا يحول دون حرص المنتخبات على المشاركة والتنافس على ألقاب تلك البطولات، ليس من أجل المال، بل لكتابة سطور ذهبية في تاريخ «الساحرة المستديرة»، فالصيت في عالم البطولات ربما يتفوق على الغنى.
اختلاف الجوائز المالية من بطولة لأخرى بالزيادة أو النقصان، لا يؤثر على رغبة المشاركة، إلا أن ارتفاع ما يحصل عليه المتنافسون، ربما يكون حافزاً مهماً لدى اللاعبين للقتال على أرض الملعب برغبة الفوز بالبطولة والحصول على الجائزة المالية، والتي عادة ما تنفق الدول أكثر منها لمكافأة لاعبيها، ولكن هل تبقى رغبة المشاركة من الدول قائمة في كأس العالم والبطولات القارية إذا ألغيت الجوائز المالية؟
حافز مهم
يعتبر المدرب الوطني محمد القامة، أن الجوائز المالية للبطولات الكبرى حافز مهم للمنتخبات واللاعبين لتقديم أفضل ما لديهم على أرض الملعب، خاصة وأن كرة القدم أصبحت لعبة مربحة للغاية للكثير من الأندية والاتحادات القارية، وأيضاً الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا»، وبالتالي أصبح لزاماً على الجهات المسؤولة عن منظومة الكرة سواء القارية أو العالمية، مشاركة جزء من أرباحهم مع أسباب هذا النجاح، وهي المنتخبات واللاعبون، ويتم ذلك من خلال تخصيص مكافآت مالية كبيرة يحصل عليها المشاركون والفائزون بالبطولات.
وأوضح أن في السابق لم تكن هناك مكافآت مالية كبيرة، وكانت المنتخبات حريصة أيضاً، على المشاركة في البطولات الكبرى بهدف وضع اسمها في السجلات التاريخية لكرة القدم، ومع زيادة مكاسب اتحادات الكرة الضخمة مثلما يحدث الآن، أصبحت هناك ضرورة بتحفيز المنتخبات على المشاركة بأفضل لاعبيها، من خلال زيادة الجوائز المالية كحافز إضافي إلى جانب شرف المشاركة والمنافسة على اللقب، وقال: «لا أعتقد أن المنتخبات ستعتذر عن المشاركة إذا تغيرت الظروف، وتأثرت الجوائز المالية للبطولات الكبرى، لأن مجرد المشاركة والمنافسة على لقب كأس العالم على سبيل المثال، شرف كبير للاعبين والمنتخبات».
دفعة معنوية
ويرى وليد سالم حارس مرمى العين والمنتخب الوطني السابق، أن الجوائز المالية للبطولات الكبرى، دفعة معنوية مهمة للاعبين أو الدول أو إدارات الأندية، وإذا كانت الجوائز المالية موجودة، يكون الحافز أكبر أمام المنتخبات للمشاركة، والتنافس بقوة على الألقاب، وقال: «أصبح تزايد الجوائز المالية ضرورة في الوقت الحالي، مع التطور الاقتصادي الكبير لمنظومة كرة القدم، وتزايد العوائد المالية من تنظيم البطولات، وهناك أندية تحمل أسماء كبيرة، تكون حريصة على المشاركة في بعض البطولات أو خوض مباريات ودية، إذا كان هناك عائد مادي مجز، بل أصبحت تلك المكاسب من مصادر دخل بعض الأندية الأوروبية الكبرى، والتي تحرص مثلاً على القيام بجولات عالمية قبل بداية كل موسم، بهدف خوض مباريات ودية، وتحقيق ربح مالي كبير».
وعن الفوارق في الجوائز المالية بين البطولات القارية، قال وليد: «الأمر يتوقف على إمكانية كل قارة، ولا يمكن مقارنة بطولات أوروبا سواء على صعيد المنتخبات أو الأندية، بالبطولات الآسيوية أو الأفريقية، نظراً للأسماء الكبيرة المتنافسة في البطولات الأوروبية، إلى جانب القدرات التسويقية الكبيرة لتلك البطولة مقارنة بغيرها من البطولات، بفضل تطور البنى التحتية والمنشآت الرياضية، وكذلك الحضور الجماهيري الكبير ليس فقط في مدرجات المباريات، ولكن على مستوى العالم».
وأضاف: «إذا حصرنا المقارنة بين البطولات الآسيوية والأفريقية، ورغم أن البعض يرى أفضلية فنية للكرة الأفريقية، لكن تقارب الجوائز بين القارتين، سببه أن التسويق أفضل في آسيا بفعل عوامل أخرى، ومنها التقدم التكنولوجي في تصوير المباريات، وتطور الملاعب بمستوى يقارب العالمية، مقارنة بإمكانات أقل لدى أغلب الدول الأفريقية، إلى جانب مدى انتظام البطولة، لأن الأمم الأفريقية من المفترض إقامتها كل عامين، ولكن في بعض الأحيان يتم تعديل موعدها لظروف كثيرة، ويؤثر أيضاً، حجم الإنفاق على اللعبة في القارة، ولذا نرى بطولات اتحاد الكونكاكاف، والذي يضم اتحادات أمريكا الشمالية والوسطى والبحر الكاريبي، أقل جوائز مالية، لحجم المتابعة الأقل لمبارياتها، مع حجم إنفاق أقل، مع وجود ألعاب أخرى أكثر شعبية لدى الدول الغنية في هذا الاتحاد».
ربح الصناعة
أما حسن عبد الرحمن لاعب شباب الأهلي وحتا وعجمان السابق، فقال: «هناك بطولات تحرص المنتخبات والأندية على المشاركة فيها حتى إذا كانت دون جوائز مالية، مثل البطولات القارية وكأس العالم وبطولات الأندية الرئيسية في كل قارة، ولكن هناك بطولات تتم المشاركة فيها سعياً للفوز بجائزتها المالية في المقام الأول، وهي بطولات عادة ما تكون إقليمية أو شبه رسمية، وفي هذه الحالة، تكون الجائزة المالية للبطولة، هي الحافز والدافع الرئيسي للمشاركة».
وأضاف: «من المنطقي ازدياد الجوائز المالية لبطولات الكرة، واختلافها من قارة إلى أخرى، وهذا نتاج طبيعي لتطور اللعبة على مستوى العالم، حتى أصبحت صناعة يتحقق فيها الربح والخسارة، وهناك نجوم كبار مجرد مشاركة أي منهم في بطولة ما، يزيد من أرباح تلك البطولة بالنسبة للاتحاد الدولي أو الاتحادات القارية، والتي بدورها تصبح مطالبة بمشاركة هذا الربح مع صناع هذا النجاح، لضمان استمراريته، ولذا بات طبيعياً أن نرى ارتفاعاً كبيراً في جوائز البطولات في وقتنا الحالي عن سنوات قريبة سابقة».
الجوائز المالية
الجدير بالذكر أن الجوائز المالية تتفاوت بشكل كبير بين البطولات، وإذا ضربنا مثلاً بكأس العام والبطولات القارية للمنتخبات، سنجد أن كأس العالم في قطر 2022، سيبلغ إجمالي جوائزه، 440 مليون دولار، ويحصل منها الفائز بالبطولة على 42 مليون دولار، وأصحاب المراكز الثاني، على 30 مليون دولار، والثالث 27 مليوناً، والرابع 25 مليوناً، وكل من يحتل المراكز من الخامس إلى الثامن، على 17 مليون دولار، ومن المركز التاسع إلى السادس عشر، على 13 مليون دولار، ومن المركز السابع عشر إلى المركز الثاني والثلاثين على 9 ملايين دولار لكل منتخب.
أما بالنسبة للنسخة الأخيرة من كأس الأمم الأوروبية 2020، فبلغ مجموع جوائزها 371 مليون يورو (حوالي 377.76 دولاراً)، بزيادة قدرها 23% عن الجوائز في النسخة السابقة عام 2016 في فرنسا، والتي بلغت 304 ملايين يورو، وتم توزيع 9.25 ملايين يورو لكل من المنتخبات الـ24 المشاركة في نسخة 2020، و1.5 مليون يورو مقابل كل انتصار في دور المجموعات، و750 ألف يورو مقابل التعادل في دور المجموعات، وحصل كل من تأهل للدور ثمن النهائي على مليوني يورو، ولدور الثمانية على و3.25 ملايين يورو، وللدور قبل النهائي على 5 ملايين يورو، وحصل منتخب إنجلترا على 7 ملايين يورو، بعدما حل في المركز الثاني في البطولة، ونال منتخب إيطاليا، 10 ملايين يورو للفوز باللقب، ليكون مجموع ما حصل عليه منتخب إيطاليا 34 مليون يورو، وما حصل عليه المنتخب الإنجليزي، 30.25 مليون يورو.
زيادة
وشهدت بطولة الأمم الأفريقية الأخيرة في الكاميرون زيادة في جوائزها بقيمة مليون و850 ألف دولار، وتم تقسيم الزيادة ليحصل منتخب السنغال البطل، على 5 ملايين دولار، بزيادة نصف مليون دولار عن النسخة قبل الأخيرة في مصر، فيما حصل منتخب مصر الوصيف، على مليونين و750 ألف دولار، بزيادة ربع مليون دولار، ونال صاحبا المركزين الثالث والرابع، على مليونين و200 ألف دولار لكل منهما، بزيادة 200 ألف دولار، وكل منتخب وصل إلى دور الثمانية على مليون و175 ألف دولار، بعد أن كان يحصل على مليون فقط.
وفي قارة آسيا، وصل مجموع جوائز النسخة الأخيرة من كأس آسيا في الإمارات 2019، إلى 15 مليون دولار، وحصل منها منتخب قطر الفائز بالنسخة الأخيرة من كأس القارة، على 5 ملايين دولار، وحصل منتخب اليابان الوصيف على 3 ملايين، ومنحت مليون دولار لكل منتخب في المركزين الثالث والرابع، و200 ألف دولار لكل منتخب مشارك في البطولة.
فيما وصل إجمالي الجوائز المالية للنسخة الأخيرة من كأس أمريكا الجنوبية «كوبا أمريكا» 2021، إلى 19.5 مليون دولار، وحصل منها البطل منتخب الأرجنتين على 6.5 ملايين دولار، والوصيف منتخب البرازيل على 3.5 ملايين دولار، وصاحب المركز الثالث على 3 ملايين، والرابع على 2.5 مليون دولار، وحصل كل منتخب خرج من الدور ربع النهائي، على 1.5 مليون دولار، في حين، حصل منتخب أمريكا بطل الكأس الذهبية الأخيرة لمنتخبات الكونكاكاف، على مليون دولار