
تحمل شعارات الأندية تصميمات خاصة، ورموزاً ومدلولات ليست تاريخية وعاطفية ترتبط بها الجماهير فقط، بل أصبحت مجالاً للتنافس فيما بينها حول الأبرز والأجمل، إلا إنه بين فترة وأخرى، نرى أندية تغير من شعاراتها دون الكشف عن الأسباب، أو الاهتمام برأي مشجعيها الذين يغضبهم تغيير رمز ارتبطوا به سنوات طويلة.
في الحقيقة، يفرض التطور التكنولوجي السريع، تغييرات كثيرة في كل مجالات الحياة، وطال ذلك كرة القدم، حتى أصبحنا الآن نرى تقنيات جديدة في التدريب والتحكيم والتصوير، لم تكن موجودة قبل سنوات قليلة، وأصبحت الأندية بدورها مطالبة بتطوير شعاراتها حتى تصبح قابلة للاستخدام الرقمي، سواء في مواقع الإنترنت أم التطبيقات أم شبكات التواصل الاجتماعي.
ومعظم شعارات الأندية الحالية مختلفة عن تلك التي أطلقت وصممت عند تأسيس النادي، لأن شعارات الماضي لم تعد مناسبة للقرن الحالي، والشعار الآن ليس مجرد صورة توضع على ملابس اللاعبين أو منتجات النادي أو أعلام الجماهير، بل أصبح هوية بصرية وعلامة تجارية ورمزاً يعبر عن شخصية النادي.
ألوان وتواريخ
لجأت الكثير من الأندية أخيراً، إلى تغيير شعاراتها، والبعض قام بإجراء تغييرات طفيفة مثل الألوان والتواريخ، والبعض أجرى تغييرات جذرية فرضتها ظروف أو قرارات معينة خاصة بالنادي، ولعل من أشهر التغييرات التي جرت على شعارات الأندية الإماراتية في السنوات الأخيرة، تغيير شعار ناديي الفجيرة والنصر، وكذلك بعد قرار دمج أندية الأهلي والشباب ودبي تحت مسمى شباب الأهلي، والشارقة والشعب تحت مسمى الشارقة، ظهر شعاران جديدان لشباب الأهلي والشارقة.
ويقول حميد سليمان المدير التنفيذي السابق لنادي الفجيرة: «الشعار قبل تطبيق الاحتراف وطغيان المادة، كان رمزاً يحمله اللاعب على صدره وفي قلبه، ودائماً الشعار يحيي ذكريات قديمة لدى جماهير النادي، ولذا لابد أن يكون تغيير الشعار سببه تطوير التسويق والترويج لجماهيرية النادي، ولكن للأسف هناك أندية تجري تغييراً للشعار لمجرد التغيير فقط، وهو أمر مرفوض إذا لم يكن هناك داعٍ، أما إذا كان بغرض فتح أبواب تسويقية وترويجية جديدة للنادي، فأهلاً به».
ويقول سعيد الوتري، المدير التنفيذي السابق لنادي دبا الحصن: «هناك أندية تحب التغيير لمجرد التغيير دون أي داعٍ اقتصادي، ومن وجهة نظري، الأفضل أن يبقى الشعار كما هو من دون تغيير إذا لم يكن هناك أسباب خاصة بالتسويق التجاري أو تعاقدات رعاية جديدة، لأن للأسف هناك أندية تغير شعاراتها بشكل جذري دون احتفاظ بأي تفاصيل من الشعار القديم، ومن وجهة نظري، إذا اقتضت الضرورة التغيير، فيجب أن يكون التغيير بسيطاً، للحفاظ على شخصية النادي، وارتباط الجماهير به».
تغييرات اضطرارية
من جانبه، قال أحمد خليفة حماد المدير التنفيذي السابق لنادي شباب الأهلي: «الشعارات موجودة في كل المؤسسات، وحتى الرياضية، وهناك تغييرات اضطرارية مثل الدمج أو تغيير مسمى النادي، أما حال التغيير لأسباب أخرى، فمن المفترض عند تغيير شعار النادي، أن تخرج إدارة النادي، وتكشف للجماهير عن أسباب التغيير». وأضاف: «للأسف هذا لا يحدث، لأن سبب التغيير عادة يكون دون سبب طارئ، ومن وجهة نظري لابد أن يقتصر التغيير على دوافع اقتصادية، وهو ما يستلزم قيام بعض الأندية بتغيير الشعار بهدف تسويقي سواء بطرح منتجات جديدة أم تعاقدات رعاية أم بما يتناسب مع المرحلة التي يعيشها النادي أم مناسبات عالمية شارك فيها النادي، وهنا لا يكون تغييراً جذرياً بقدر إجراء تحسين للشعار».
سلسلة محاضرات
يملك الوسط الكروي العالمي، العديد من أمثلة الأندية التي أجرت تغييراً على شعاراتها في السنوات الأخيرة، ومنها باريس سان جيرمان، والذي قرر عام 2013، تغيير شعاره بعد انتقاله إلى ملكية جديدة، وعبّر الشعار الجديد عن موقع النادي، مع إبراز اسم مدينة باريس، ونقل كلمة سان جيرمان للأسفل بخط أصغر، وأبقى الشعار الجديد على رمز المدينة برج إيفل وزهرة الزنبق، مثلما فعلت إدارة مانشستر سيتي، عندما رغبت في تغيير الشعار، وظلت فترة من التشاور لمدة 30 يوماً، وتضمنت سلسلة من المحاضرات عن تاريخ الشعارات من قبل خبير الكرة في مانشستر جاري جيمس.
احتفال صعود
ومن أشهر الشعارات التي تم تغييرها، شعار نادي فولهام، والذي تغير عام 2001، احتفالاً بصعوده للدوري الإنجليزي الممتاز، وشعار أستون فيلا بطل الدوري الإنجليزي 7 مرات، والذي قام بتغييره بعد هبوطه إلى دوري الدرجة الأولى، بعد 28 موسماً في الدوري الممتاز، كنوع من التفاؤل للعودة مجدداً، وشهد الشعار الجديد حذف كلمة «استعداد»، وتغيير طفيف على شكل الأسد، ليكون أكثر شراسة بمخالب وحجم أكبر. وقام إيفرتون بتغيير شعاره موسم 2013 – 2014، لعدم قدرته على إعادة تصميمه وإنتاجه لوضعه في وسائل الإعلام المختلفة وعلى الملصقات، لأنه أصبح معقداً، وقام بحذف جملة لاتينية كانت مكتوبة، وحذف أيضاً إكليل الغار، ونتيجة لغضب الجماهير، قام النادي بطرح 3 أشكال جديدة للتصويت، واستقر على شعاره الحالي.
أشهر الشعارات
أما عن أشهر شعارات الأندية في العالم حالياً، فشعار ريال مدريد المكون من أحرف «MCF» اختصاراً لاسمه، ومنحه ملك إسبانيا السابق ألفونسو الـ13، لقب الملكي، ليضاف التاج إلى الشعار عام 1920، وبعد سقوط الملكية عام 1931، تم وضع الخط البنفسجي على الشعار رمزاً لمنطقة قشتالة الإسبانية، قبل أن يصبح بشكله الحالي عام 1941، ثم تم رسم الجواهر على التاج، وتغيير لون الخط المائل من البنفسجي إلى الأزرق عام 2001. وشعار نادي برشلونة، والذي يرمز لدرع إيطالية تسمى «سكودو»، داخل إطار برتقالي فاتح، مع وجود صليب القديس سانت جورج الأحمر على الخلفية البيضاء، وهو الذي يعتبره السكان راعياً لهم، وتمثل الخطوط الحمراء والصفراء علم كتالونيا، والخطوط الزرقاء والقرمزية تشير إلى ألوان الفريق.
توأم روما
وشعار نادي أتلتيكو مدريد، يتميز بالدب الذي يحاول الوصول إلى الثمرة المعلقة على الشجرة، ويعود هذا الأمر لعصر الملك ألفونسو الـ11، بعدما وصف مدريد بأنها مكان جيد لتناول لحوم الدببة، وترمز الـ7 نجوم في الشعار، إلى مجموعة نجوم كوكبة «الدب الأكبر» السماوية.
وشعار روما الشهير بالذئبة التي ترضع طفلين، والمعروفة باسم لوبا، ووفقاً للأسطورة، فإن الذئبة أنقذت التوأم رومولوس وروموس من الغرق، بعدما أزاح أموليوس والدهما نوميتور عن العرش، والتوأم قرر بناء المدينة، لكن رومولوس قتل أخيه بسبب خلاف على مكان بنائها، وسميت المدينة باسم روما نسبة إليه.
وشعار تشيلسي، ويتضمن أسداً يزأر ممسكاً بصولجانه، والمقتبس من شعار بلدية تشيلسي، وتوجد وردتان على جانب الشعار، وتمثلان موطن الفريق في إنجلترا، بينما المدفع هو الرمز الأساسي للأرسنال، بسبب الكفاح الحربي الذي عاشته مدينة بلومستد في شمال لندن، وهي المدينة التي احتضنت مقر النادي في البداية، قبل أن ينتقل إلى مقره الحالي، وتم تحويل المدفع من الشرق إلى الغرب موسم 1925 – 1926 نظراً للعداوة مع توتنهام.
مركب شراعي
وشعار مانشستر يونايتد، الشهير بمركب شراعي يوجد أسفله شيطان، ويرمز إلى قوة التجارة في مدينة مانشستر، وارتبط الشيطان بالنادي منذ ستينيات القرن الماضي، حينما أراد مدربه السير مات باسبي إرهاب منافسيه من خلال هذا اللقب، لتتم إضافته لشعار النادي عام 1970.
تصنيف «ديلي ميل»
لكن هناك شعارات تتميز بالجمال والقوة التاريخية، وأخرى بالقبح والسوء، ولذا اختارت صحيفة «الديلي ميل» الإنجليزية، أعظم 10 شعارات منها، وهي بالترتيب بايرن ميونيخ الألماني، ابردين الإسكتلندي، اي سي ميلان الإيطالي، أياكس امستردام الهولندي، الأهلي المصري، أرسنال الإنجليزي، باري وروما وأتلانتا الإيطالية، وأتلانتا يونايتد الأمريكي.
أما أقبح الشعارات على مستوى العالم، وحسب الصحيفة نفسها، فتضمنت تشلسي الإنجليزي، بيروجيا الإيطالي، شريف تيراسبول المولدوفي، ووريورز السنغافوري، رايو فاليكانو الإسباني، فيتورول كونستانتا الروماني، ألوا أتليتيك الإسكتلندي، ليمون إف سي الكوستاريكي، جنوة الإيطالي وفيردر بريمن الألماني.