
على الرغم من النتائج السلبية للكرة الإماراتية في الموسم الأخير على مستوى الأندية والمنتخبات في المحافل الخارجية، لكن هناك بريق أمل في مستقبل أفضل، بظهور عدد من اللاعبين صغار السن الذين قدموا مستويات متميزة، أكدت أنهم ماضون في الطريق الصحيح، وأن «البركة في الشباب» الصاعد، بالمواهب التي يتمتعون بها، والتي قد تسهم في تحقيق نتائج أفضل على الصعد كافة، ويمكن أن تعيد إنجاز «الأبيض» في معانقة المونديال من جديد، خاصة في ظل الدعم الكبير من القيادة الرشيدة لكل المناشط الرياضية وكرة القدم على وجه الخصوص، وتوافر البنية التحتية الجيدة والتعاقدات مع الخبرات الأجنبية، وغيرها من العوامل التي تساعد في تحقيق طفرة كروية تليق باسم دولة الإمارات.
ويبرز العديد من اللاعبين صغار السن خطفوا الأضواء في الموسم الأخير، مثل الخماسي الذي تم ترشيحه للفوز من قبل رابطة المحترفين بجائزة «الفتى الذهبي» لأفضل لاعب واعد، محمد عباس «العين»، عبد الله حمد «الوحدة»، حارب سهيل «شباب الأهلي»، محمد المازمي «النصر»، سلطان عادل «كلباء»، بجانب، ناصر الشكيلي، خالد البلوشي «العين»، زايد سلطان «الجزيرة»، سهيل المطوع «الوصل»، والفتى الذهبي الذي سبقهم في التألق علي صالح «الوصل»، وخميس صالح إسماعيل «بني ياس» وغيرهم من الأسماء التي يمكن أن تركض في الملاعب بقوة لأكثر من 10 سنوات، ليبقى السؤال: إلى ماذا يحتاج هؤلاء اللاعبون الصغار للمواصلة في درب التألق وبلوغ القمة؟.. هذا ما طرحته «البيان» على عدد من أصحاب الشأن لمساعدة نجوم المستقبل في تحقيق كافة الآمال والطموحات.
فرصة كافية
بداية تحدث أحمد عيسى أول كابتن لمنتخبنا الوطني، مبدياً عدم رضاه عن السياسة الكروية المتبعة، مؤكداً أنها لا تخدم مصلحة اللاعب الصاعد، ولا تفيد مستقبل الكرة الإماراتية، ذاكراً أن تطور اللاعبين الصغار لحمل الراية وتكوين منتخب وطني قوي يتطلب منحهم فرصة كافية من اللعب، مبيناً أن ذلك لن يتحقق في ظل السياسة الحالية المتبعة، والتي تمنح اللاعب الأجنبي حق المشاركة بأفضلية عددية في الملعب، وأضاف: من أجل مستقبل أفضل للاعب المواطن لا بد أن يأخذ الفرصة الكافية، ولكن في ظل وجود 6 أجانب و5 مواطنين في التشكيلة من بينهم حارس المرمى فإن المشاركة ستكون لأربعة مواطنين فقط، وبالتالي هؤلاء الشباب لن يجدوا فترة زمنية كافية في المباريات الرسمية.
واستطرد أحمد عيسى: في السابق تم إيقاف الحكم الأجنبي عن ملاعبنا والاعتماد على الحكم المواطن ومنحه الثقة، فكان نتاج ذلك تطوراً واضحاً في التحكيم ووصول حكامنا إلى المونديال، والمؤكد أن الحكم الإماراتي لم يكن سيحقق نجاحه لو استمرت سياسة التعامل مع قضاة الملاعب الأجانب، والآن بدلاً من دعم اللاعب المواطن حتى يتطور مثل التحكيم يحدث العكس ولا ينال فرصته، وبالتالي ليس هناك ما نقوله أكثر من المطالبة بمنح اللاعب المواطن الأولوية للمشاركة في المباريات، وهكذا يمكن أن نضمن تطور مستوى اللاعبين الصغار، بجانب عدد من المتطلبات الأخرى، لكننا نفتقد مشاركة المواطن أساساً؛ لذلك لا يوجد مبرر لتناول بقية التفاصيل.
خطوات مهمة
بدوره أشاد عبد الباسط الحمادي المحلل والناقد الرياضي، بطرح الموضوع، وقال إنه يتفق تماماً معه ويؤمن بوجود مواهب صغيرة يمكن أن تشكل نواة للمنتخب الوطني، ذاكراً أن ذلك ظهر في بعض العناصر التي وجدت الفرصة مثل تألق حارب عبد الله سهيل في مباراة المنتخب الأخيرة أمام أستراليا، وعدد من الوجوه المتميزة التي يمكن التركيز عليها في التصفيات المؤهلة لمونديال 2026.
وقال الحمادي إن الخطوات المطلوبة لتطوير هذه المواهب، مساعدتها على الاحتراف الخارجي للاحتكاك القوي، وأضاف: ليس شرطاً الاحتراف في أندية كبيرة، ولكن يمكن في دوري الدرجة الثانية بأي بلد متطور لأن الاحتراف أهم خطوة تساعد اللاعب على تطوير قدراته الفنية.
سلوك احترافي
وذكر عبد الباسط الحمادي، أن اللاعب أيضاً مطالب بالسلوك الاحترافي مثل التغذية الصحية وعدم السهر، وزيادة عدد ساعات التدريب، وعدم التوقف عقب نهاية الموسم، وأضاف: عندما كان جورج ويا مع الجزيرة في 2003 أتذكر جيداً أنه كان يتدرب ساعة أو أقل بعد نهاية التمارين الجماعية ويصطحب بعض اللاعبين، وكذلك كان يفعل محمد سالم العنزي، أيضاً كريستيانو رونالدو تعرض للإصابة مع ريال مدريد وكانت هناك بطولة كبيرة ومهمة يرغب في التواجد بها، فتدرب 7 ساعات في اليوم حتى يكون جاهزاً، هذا ما نطلبه من اللاعبين خاصة الصغار الذين ينتظرهم المستقبل.
وقال الحمادي إن كل لاعب لديه نواقص، ولكن الذكي هو الذي يطور مستواه ويعالج مشاكله الفنية وينظر للمستقبل، ويزيد من سقف طموحه، لأن ذلك يجعله يهتم أكثر ويقدم كل ما عنده، فالاجتهاد والانضباط يقودان للنجاح، ولدينا إسماعيل مطر الذي عمل على نفسه في السنوات الأخيرة، وإن كان قد تأخر لكنه نجح باجتهاده في زيادة عمره بالملاعب وتقديم مستويات جيدة.
وتمنى عبد الباسط الحمادي أن ينال اللاعبون الصغار فرصة المشاركة في البطولات المقبلة مع المنتخب لاكتساب الخبرة والاستفادة من المباريات، حتى يصبحوا في كامل الجاهزية التي تجعلهم يقودون المنتخب على الوجه الأفضل في تصفيات كأس العالم المقبلة.
مهمة اللاعب
بدوره أكد منصور حسين، عضو شركة كرة القدم بنادي الإمارات، مشرف المراحل السنية، أن مهمة تطوير المستوى والوصول إلى القمة، تقع على اللاعب في المقام الأول لأنه، وحسب قوله، يفترض أن يتبع برنامجاً رياضياً متوافقاً مع النشاط الذي يمارسه، ذاكراً أن اللاعب يجب أن يتحلى بالسلوك الاحترافي الذي يفرض عليه أن يهتم بالبرنامج التدريبي والغذائي، وأن يلتزم بالنوم مبكراً ويكون منضبطاً في كل شيء، وأضاف: أيضاً الإعلام له دور مؤثر في المحافظة على اللاعب الصغير وعدم تحويله إلى نجم ومنحه مساحات كبيرة، لأن ذلك يمكن أن يعود عليه بالضرر، ويجعله لاعباً مغروراً، فلاعب مثل حارب سهيل وجد مدحاً زائداً بعد مباراة أستراليا، ولكن حارب بالتأكيد وجد النصح اللازم من والده لأنه لاعب كرة، لكن بقية الشباب قد لا تتوافر لهم ذات النصائح، لذلك الإعلام يجب أن يكون واعياً في تعامله مع الشباب وألا يدفعهم نحو الغرور بتقديم الدعم الإيجابي في حدود المعقول والمقبول.
تأثير المال
وأشار منصور أيضاً إلى دور الأندية في دعم اللاعبين الشباب وعدم رفع قيمتهم المالية في سوق الانتقالات بسبب المنافسة والصراع، مؤكداً أن المال له تأثيره السلبي على لاعب عمره صغير، وهنا يجب تقديم المصلحة العامة على مصلحة النادي بعدم التهويل ورفع قيمة المبالغ المالية.
وأكد عضو شركة كرة القدم بنادي الإمارات أن هناك دوراً مهماً جداً أيضاً للعائلة في مساندة ابنها ومساعدته ليحافظ على مستواه الفني والتركيز بشكل جيد في الملعب، ذاكراً أن العائلة، سواء كانت رياضية أو غير رياضية فإن دورها كبير تجاه ابنها، ويمكن أن تقوده إلى القمة بتشجيعه وحثه على التدريبات بقوة من أجل المنتخب.
طريقة مثلى
فيما قال المدرب محمد سعيد الطنيجي، إن أهم ما تحتاج إليه الوجوه الشابة، فرصة المشاركة حتى يقدم اللاعب كل ما عنده، ويستفيد من خوض المباريات التنافسية، التي تصنع منه لاعباً ناضجاً، وأضاف: والطريقة الأمثل والأفضل الاحتراف الخارجي لأنه يحقق العديد من الفوائد، ويمنحه قيمة كبيرة، لذلك لا بد من البحث عن سبل الاحتراف في دوريات أقوى.
وقال الطنيجي إن اللاعب أيضاً يجب أن يبذل جهده في الملعب ويزيد من عدد تدريباته ويعمل على معالجة كل سلبياته، مع الالتزام بالنوم مبكراً؛ لأن السهر خطر جداً على اللاعب ويدمره بدنياً وذهنياً، مع الاهتمام أيضاً بالتغذية السليمة وعدم تناول الوجبات السريعة والضارة.
وأضاف الطنيجي: اللاعب هو الذي يمتلك مفتاح النجاح بيده، وإذا وضع هدفاً أمامه يمكن أن يصل إليه، لكن ليس بالأمنيات فقط، ولكن بالجهد والعطاء، والالتزام والانضباط، إذا أردت أن تكون مميزاً يجب أن تقدم الكثير لتصل إلى التميز، فالنجاح لا يأتي إليك، ولكن أنت من تذهب إليه باصطحاب كافة عوامل النجاح.
دعوة للتواضع
فيما دعا محمد أحمد، مدافع وقائد العين، اللاعبين الصغار إلى مواصلة الاجتهاد والعمل على تطوير قدراتهم دون استسلام، وقال إن نصيحته للشباب الذين ينتظرهم المستقبل «خلكم متواضعين»، ذاكراً أن التواضع يقود للنجاح والنجومية، وأضاف: يجب أيضاً الاستفادة من تجارب أصحاب الخبرة والاستماع إلى نصائحهم.
وأشار قائد العين إلى أن المنتخب «متعطش» إلى البطولات، ويحتاج للإنجازات، وأن اللاعبين الصغار قادرون على أداء هذه المهمة، وتكرار النجاحات التي حققها أبناء جيله في وقت سابق مع تحقيق المزيد من الإنجازات.
خلاصة
خلص نجومنا السابقون والحاليون في استطلاع آرائهم، إلى أن إغراءات المال قد تفسد عملية صعود النجوم الصغار، كما أن تصارع الأندية على الأسماء الجاهزة وعدم ميل المدربين للمجازفات، يؤدي لعدم إعطاء اللاعبين الصاعدين فرصة كاملة، واستمرارهم خارج التشكيلات الأساسية لأنديتهم يؤدي لفتور حماسهم، مما يهدد مستقبل تألقهم.