كتبت / راندا جرجس
عندما نصغي إلي جبران وهو يقول “رأيت الفقراء المساكين يزرعون، والأغنياء الأقوياء يحصدون ويأكلون، والظلم واقف هناك والناس يسمونه الشريعة “. تنصرف أفكارنا لمن يجلسون بالجوار في انتظار الفتات أو من ننعتهم بالفقراء والمساكين، ونتصور أنهم يحتاجون فقط إلي بقايا طعام وشراب، ليسدوا به رمقهم، ولكننا لم ندرك حتى الآن أن هناك من يفتقرون لحاجات إنسانية بشتى أنواعها، فكم هو مؤلم وموجع، أن يرى الإنسان حياته، أشبه بمحطات، تتعدد وجوهها وتتشابه ملامحها،لا مفر ولا محالة، ولا مهرب منها، قد ينتظر شخصاً، أو قدراً، أو رزقاَ، أو حباً، او أملاً وحلماَ، لكل حالة مغزاها وفلسفتها ومتطلباتها التي قد لا تستطيع الإفصاح عنها.
هناك من ينتظر فتات الابتسامة، هم الذين يمرون وأوجههم يملأها العبوس، وتعلوها تجاعيد التشاؤم، فحتى البسمة نحجبها رغم يقيننا بعوزهم إليها، وبالجوار من يفتقر للمسة الحانية التي قد يفتقدها طفل، أو عجوز، أو حتى رفيق في درب الحياة، رغم أن مجرد اللمسة تشعره بوجوده، وترسخ بداخله أن الإنسانية باقية مادامت الحياة مستمرة. وربما نقابل في مسيرة الحياة، من ينتظر المواساة، أو فتات منها، حينما يداهمه حزن أو ينفرد به الآسي، ويحتاج إلى رفيق يستعين به على هذه المشاعر المختلطة وإلا دمرته. وفى محيط الأقربين، قد نجد من يترقب كلمة شكر أو تصرفاً يعبر عنها، خاصة هؤلاء الأشخاص الذين يخلصون في تقديم خدماتهم لنا بلا مقابل، لكن الضجر يتسلل إلي نفسه ليوسوس له بأن البشر لا يستحق ما يفعله، ولا يخلصه من هذا الشعور إلا الثناء على ما يفعل، حتى وإن كان بسيطاً، فكم من أقوال وأفعال عنوانها البساطة ولكنها تشفى آلاماً عميقة.
فيا صديقي…
الحياة رحلة قصيرة، يوجد بها الكثير من الأشياء الصغيرة التي تشفى جروحاً عميقة، بل وقادرة علي أن تُدخل السعادة على قلوبنا وقلوب من نحب، مثل ابتسامة امتنان في وجه انسان تُضفى فرحاً على قلبه، كاتصال بصديق فقط لتخبره أنك اشتقت له، كلمسة حانية على القلوب المتألمة، أو بمساعدة مسكين دون أن تجرح مشاعره، فأعطِ بسخاء ولا تُعير، مهما كان ما تقدمة صغيراً، ورافق من يزرعون في روحك ثمة العطاء دون ترقب المقابل، فبالجوار من ينتظر الفُتات.