تُشرق الشمس؛ لإنارة دروبنا، وتدفئة أجسادنا، مُمهدةً لنا طريق الحياة بفيتامين (د)، الضروري لصحة العظام، ومُساعدةً في مُحاربة الاكتئاب. لكن، هذه الشمس تخفي وراء سطوعها مخاطر جمة لبشرتنا، فما هذه المخاطر؟.. وكيف نحمي أنفسنا منها؟
الطبيبة داون ماري تحذرنا من أضرار الأشعة فوق البنفسجية على الجلد، وتذكر منها: إصابة الجلد بحروق الشمس، ما يؤدي إلى ظهور احمرار وتورم وتقرحات وألم في الطبقة الخارجية من الجلد. كذلك، شيخوخة الجلد المبكرة، إذ تسرّع أشعة الشمس الضارة عملية شيخوخة البشرة، فتظهر التجاعيد، والخطوط الدقيقة. ومن التأثيرات، أيضاً، ظهور البقع الداكنة أو التصبغات، نتيجة تحفيز أشعة الشمس إنتاج الميلانين، ما يؤدي إلى ظهور بقع بنية، أو رمادية، على الوجه واليدين، والأجزاء المكشوفة من الجسم. وأخطر التأثيرات على البشرة، نتيجة الإفراط في التعرض للشمس، الإصابة بسرطان الجلد.
هل من تأثيرات أخرى للشمس في الجلد؟.. تقول أخصائية الأمراض الجلدية إنه يمكن للأشعة فوق البنفسجية، الآتية من أشعة الشمس، أن تتسبب في حساسية الضوء لدى الأشخاص المعرضين للإصابة بها، ويشمل ذلك: أمراض النسيج الضام، و«البورفيريا» (مجموعة من الأمراض المختلفة، تنتج عن خلل معين في عملية إنتاج الهيم، وهو مركب كيميائي يحتوي على الحديد، ويمنح الدم لونه الأحمر)، والطفح الضوئي المتعدد الأشكال (المعروف أكثر باسم حساسية الشمس، أو الطفح الجلدي الشمسي). وتؤكد داون ماري أنه، في حال تسبب التعرض للأشعة فوق البنفسجية في ظهور طفح جلدي، أو ظهور أعراض جلدية، مثل: الحرقان، أو الحكة، تجب مراجعة طبيب الأمراض الجلدية؛ لتوضيح الحالة بشكل أكبر.
هناك حالات كثيرة، نرى فيها نساء تعرضن للشمس بالقدر نفسه، والأعراض ظهرت على بعضهن، فيما لم تتأثر الأخريات بها.. فهل تختلف تأثيرات الشمس بحسب نوع البشرة؟.. تجيب الدكتورة المتخصصة في الأمراض الجلدية: إن الشمس تشرق على الجميع، لكن عدلها لا يشمل تأثيراتها على البشرة، فصاحبات البشرة الفاتحة أكثر عرضة للأذى من صاحبات البشرة الداكنة، حيث تُسبّب لهن الأشعة فوق البنفسجية أضرارًا أكبر. لكن، ليست البشرة الداكنة آمنة تمامًا، فهي مُعرّضة كذلك لحروق الشمس، وسرطان الجلد، ولكن بدرجةٍ أقل.
لماذا هذا الاختلاف؟.. تتابع الدكتورة، شارحةً: إن البشرة الداكنة تحتوي على كمية أكبر من الميلانين، وهو صبغة تُساعد في حماية البشرة من أشعة الشمس، إلا أن ذلك لا يعني أنّها محصّنة تمامًا، فمع مرور الوقت، والتعرض المفرط لأشعة الشمس، تصاب البشرة الداكنة بالأضرار، بل تكون صاحبات البشرة الداكنة أكثر عرضة للإصابة بحروق الشمس، وسرطان الجلد.
ومع أن بشرتنا تتمتع بلون جميل، لكنّها أحيانًا تُعاني التغيرات، فتظهر بقع داكنة، كضيف غير مرغوب فيه، تُزعج جمالنا، وتُثير قلقنا. فما الذي يسبب هذه البقع؟.. سألنا الدكتورة داون ماري؛ فأخبرتنا بأن هذه البقع تسمى تصبغات، وتحدث نتيجة عوامل عدة، منها زيادة أو نقصان الصباغ، مقارنة بالبشرة الطبيعية، مشيرة إلى أن أبرز العوامل، التي تؤدي إلى تغيرات الصباغ، هي: التقدم في العمر، والتعرض لأشعة الشمس، والتهاب الجلد أو تهيجه، بالإضافة إلى أمراض جلدية، مثل: الإكزيما والصدفية. ويُعد البهاق حالة جلدية، تؤدي إلى فقدان تصبغات الجلد. كما تشير إلى أن الأشعة فوق البنفسجية تحفز الخلايا الصبغية (وهي الخلايا التي تمنح البشرة لونها) لإفراز المزيد من الأصباغ، ما يسبب فرط التصبغ. وفي حال كان التعرض لأشعة الشمس حاداً، فيمكن أن يحدث ضررٌ لهذه الخلايا، وبالتالي لا تتمكن من فرز الأصباغ الكافية. ويؤدي ذلك إلى نقص التصبغ، وهذا ما يفسر ظهور التصبغات بشكل أكبر خلال الصيف.
في هذه الحالة، من هنّ الأكثر عرضة للإصابة بالتصبغات؟.. توضح الدكتورة أن خطر الإصابة بالتصبغات عند التعرض لأشعة الشمس يشمل الجميع، إلا أن صاحبات البشرة الداكنة أكثر عرضة لذلك من صاحبات البشرة الفاتحة. وتتابع شارحة: لتقليل فرص حدوث التصبغات، من المهم استخدام كريمات الوقاية من الشمس، واتباع تدابير الحماية من أشعتها، بالإضافة إلى الحفاظ على ترطيب البشرة، وتجنب تهيجها؛ عن طريق الحد من تعرضها للدخان، والملوثات المهيجة في الهواء.
وماذا لو أصبنا بالتصبغات؟.. عن هذه الحالة، تقول أخصائية الأمراض الجلدية: تجب معالجة التصبغات الناتجة عن التعرض لأشعة الشمس من قِبَل طبيب الأمراض الجلدية، وتشمل خيارات العلاج: الأدوية الموضعية، وإجراءات الليزر.
هناك من تسأل عما إذا كانت مستحضرات التجميل تؤثر سلباً في البشرة صيفاً، وتسهم في ظهور التصبغات.. فهل هذا صحيح؟.. ترد الدكتورة داون ماري من «مايو كلينك»، موضحة أنه، عادةً، تستخدم مستحضرات التجميل لأغراض جمالية، أو لإخفاء حالة جلدية معينة، إلا أنها يمكن أن تؤثر في البشرة؛ بناءً على المكونات التي تحتويها، ومدى حساسية البشرة، وقابليتها للتهيج. ففي حال البشرة الحساسة، من المهم استخدام منتجات لا تسبب الحساسية، كما يجب الانتباه إلى احتمال الإصابة بالحساسية من بعض الإضافات في مستحضرات التجميل. ويمكن لأطباء الجلدية المساعدة في اختبار المستحضرات المسببة للحساسية؛ لتحديد المنتجات التجميلية الآمنة للاستخدام لكل حالة على حدة. وفي حال كانت البشرة دهنية، أو معرضة لحب الشباب، فمن المهم استخدام منتجات خالية من الزيوت، أو غير مسببة لانسداد المسام، وكذلك ينصح بالابتعاد عن مستحضرات التجميل، التي تقشر الجلد وتبيضه، لاسيما صيفاً، تجنباً للمشكلات.
لكنَّ الصيف يدعونا إلى الاستمتاع بالأنشطة الخارجية والهواء الطلق، فهل هذا يحتم علينا القلق؟.. تسارع الدكتورة إلى الإجابة، مطمئنةً: لا داعي للقلق والخوف من أشعة الشمس، فمع العناية المناسبة للبشرة؛ يمكن الاستمتاع بجمال الصيف، إلا أنها تشدد على ضرورة حماية البشرة من الشمس صيفاً؛ بارتداء الملابس التي تقي أشعة الشمس، والقبعات الواسعة الحواف والنظارات الشمسية، واستخدام مستحضرات الوقاية من الشمس. كما تؤكد ضرورة تنظيف البشرة بالصابون اللطيف والماء يومياً، بسبب زيادة الحرارة، والتعرق. وفي حال ممارسة الرياضة، أو السباحة في مسبح أو بحيرة، من الضروري الاستحمام أو الاغتسال بالماء والصابون بعد ذلك، مع استخدام الكريمات المرطبة بوفرة طيلة الوقت.
5 أسئلة.. وأجوبة
1 . ما الآثار الرئيسية للشمس في البشرة صيفاً؟
إن التعرض للمزيد من الأشعة فوق البنفسجية، يعد أحد عوامل خطورة الإصابة بسرطان الجلد، والشيخوخة الضوئية، كما يمكن أن تسبب الحرارة ارتفاع درجة حرارة الجسم، وبالتالي التسبب في التعرق.
2 . ما مستحضرات الوقاية من الشمس، الموصى بها؟
أفضل مستحضرات الوقاية من الشمس، هي تلك التي لا تسبب حساسية، وتوفر حماية واسعة الطيف، تحمي من الأشعة فوق البنفسجية (A)، والأشعة فوق البنفسجية (B).
3 . متى يجب تكرار وضع كريم الوقاية من الشمس، وما المقدار الموصى به؟
تجب إعادة وضع كريم الوقاية من الشمس كل ساعتين تقريباً، أو عند التعرّق، أو التعرض للماء. إن مقدار 1-2 أوقية من كريم الوقاية من الشمس، يكفي لتغطية الوجه، والرقبة، وظاهر الكفين.
4 . ما الذي يجب فعله بعد التعرض للشمس؟
من الضروري استخدام المرطب بعد التعرض للشمس؛ لتفادي تفاقم الحروق في حال الإصابة بها.
5 . ما العلامات، التي تحتم علينا مراجعة طبيب الأمراض الجلدية؟
في حال ظهور طفح جلدي جديد لا يختفي بسرعة، أو يسبب حرقة أو وخزاً، أو يحدث بالإضافة إلى أعراض أخرى، مثل: الحمى، أو الغثيان، أو القيء، أو الصداع، أو آلام العضلات، تجب استشارة الطبيب.