
وصفت بأنها أجمل التقاء طبيعي بين البحر واليابسة، وعلى الرغم من إعلان استقلالها في العام2006 ، إلاّ أن تاريخها يعود إلى ما قبل الحضارة الرومانية والقوطية، ونتج عن اختلاطها بالحضارات الكبرى التي سادت في عدة مراحل تاريخية، تراث غني وعادات متنوعة ومتجذرة شكلت الملامح الثقافية الثرية لجمهورية الجبل الأسود (مونتينيغرو) التي تحل ضيف شرف على فعاليات الدورة الـ 18 من “أيام الشارقة التراثية” على مدى 22 يوماً.
مدخل جناح مونتينيغرو المشارك في الحدث مستوحى من فنون عمارة الجبل الأسود، وهي مزيج بين العمارة الأوروبية والشرقية، وفي أعلى المدخل مجسم بالألوان لشعار الجمهورية الذي يتوسط علمها الرسمي، بينما تضج الساحة المقابلة للمدخل بأصوات فرقة تراثية ترتدي الزي التقليدي الملون، وترقص على أنغام الموسيقى الشعبية للجمهورية.
ألوان وابتسامات وتاريخ
التجوال في جناح الجمهورية عبارة عن احتفالية باسمة، فالمشاركون والعارضون للمشغولات التراثية يستقبلون الزوار بابتسامات تشجعهم على التوقف والاستفسار أكثر عن أصل وحكاية كل قطعة في الجناح، فجميعها مشغولة باليد ومن مواد طبيعية، ولكل منها حكاية لها صلة بنشأتها وسبب صناعتها وجميعها تمثل روح ثقافة بلد حافظ على أصالة نسيجه التراثي الذي تشرب تراث البلدان التي كان لها تأثير في نشأته وتطوره.
وعلى الرغم من تسميتها بالجبل الأسود، تغلب طبيعتها الخضراء على غالبية ملامحها الجغرافية، ويذكر المؤرخون أن تسميتها جاءت بسبب كثافة الغابات الجبلية التي يصل ارتفاعها نحو 2500 فوق سطح البحر، حيث كان الناظر يعتقد أن هناك جبلاً أسوداً مخفياً وسط الأشجار المتعانقة.
الفنون والآداب في الجبل الأسود
تعود أقدم آلة موسيقية تم اكتشافها في أوروبا إلى جمهورية الجبل الأسود، وبرغم أصالتها، تأثرت الموسيقى الشعبية للدولة، مثل جميع موسيقى العالم، بالمراحل التاريخية التي مرت بها الجمهورية، وبشكل خاص بالموسيقى العثمانية، كما تشربت ألحانها التقاليد السلافية، والغجرية، والألبانية، والنمساوية-الهنغارية، وكان آخرها، الغربية، الأمر ذاته يلاحظ في الزي الشعبي للفرق الموسيقية التراثية، مزيج من حضارات مختلفة دمجت بتراكم الزمن في هوية تراثية وطنية غنية بالألوان والعادات والتقاليد المتناغمة.
ولجمهورية الجبل الأسود مساهمات جليلة في الحرف اليدوية وبشكل خاص في نحت الخشب والنسيج وصناعة الأدوات المنزلية والزراعية والمهنية المختلفة، ولا تزال الحرف اليدوية حاضرة في الأسواق الشعبية “المونتينيغرية” وتحظى باهتمام السياح والمواطنين على حد سواء، كما أنها رافد أساسي من روافد دخل العائلات والدولة.
وبما أن مطابخ الشعوب تشكل انعكاساً لتراثها وثقافتها، فالتنوع والتعدد هي سمة مطبخ جمهورية الجبل الأسود، حيث نجد فيه أكلات شعبية من إيطاليا وتركيا وهنغاريا وكرواتيا، وتتسم أكلات الساحل المونتينيغري بالنكهة الإيطالية، بينما تعد الحلوى التركية هي المفضلة في الجمهورية من قبل غالبية السكان.
هذا الثراء والتنوع والتعدد في جذور الثقافة وفي الفنون والحرف والتراث بشكل عام، يتجسد للزائرين لجناح مونتينيغرو في الدورة الـ18 من أيام الشارقة التراثية.