في خضم مشاهدات متزايدة للطائرات بدون طيار فوق ولايات نيويورك ونيوجيرسي وأجزاء أخرى من شمال شرق الولايات المتحدة، تواجه السلطات الأمريكية تحديًا غير مسبوق في تفسير الظاهرة واحتوائها.
صحيفة “نيوزويك” الأمريكية ألقت الضوء على هذا الملف المثير للجدل، كاشفة عن جهود حكومية مكثفة لاحتواء المخاوف المتنامية، وتداعياتها الأمنية والسياسية.
أنظمة رادار روبن
طلب زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، نشر أنظمة متقدمة للكشف عن الطائرات بدون طيار في ولايتي نيويورك ونيوجيرسي، استجابة لموجة المشاهدات الأخيرة التي أقلقت السكان.
وأكدت حاكمة نيويورك كاثي هوشول أن نظامًا متطورًا سيتم نشره بناءً على طلبها لدعم التحقيقات التي تقودها أجهزة إنفاذ القانون الفيدرالية والمحلية. تأتي هذه الجهود بعد حادثة أثارت جدلاً واسعًا، حيث أدت طائرة بدون طيار إلى إغلاق مدرج مطار ستيوارت الدولي لمدة ساعة كاملة.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزير الأمن الداخلي، أليخاندرو مايوركاس، أعلن عن نشر موارد إضافية للتعامل مع هذه المشاهدات، بينما تمتاز أنظمة رادار روبن بقدرتها على الكشف بزاوية 360 درجة، ما يجعلها أكثر فعالية في تحديد نشاط الطائرات بدون طيار.
الطائرات تصل لمواقع حساسة
أفادت “نيوزويك” بأن نيوجيرسي ليست الولاية الوحيدة التي تتلقى أنظمة الكشف المتطورة، إذ تشمل الخطة ولايات أخرى مثل كونيتيكت وبنسلفانيا. هذه الأنظمة وُضعت في مواقع رئيسية مثل Arsenal Picatinny وNaval Weapons Station Earle. ومع ذلك، لم يُحدد بعد موعد تشغيلها الكامل.
وشملت المشاهدات مواقع بارزة، مثل ملعب الجولف للرئيس السابق دونالد ترامب في بيدمينستر، نيوجيرسي، وقواعد عسكرية أخرى. ويشير الخبراء إلى صعوبة تتبع الطائرات بدون طيار نظرًا لصغر حجمها وقدرتها على العمل بشكل مستقل، ما دفع الباحثين إلى تطوير خوارزميات تعلّم عميق لتحسين دقة الكشف.
تشريعات لمواجهة النشاط الغامض
أكد شومر خلال جلسة بمجلس الشيوخ أن هذه المشاهدات، رغم أنها لا تمثل تهديدًا للأمن القومي حتى الآن، تُسبب إزعاجًا شديدًا وتثير القلق إذا اخترقت المجالات الجوية المحظورة. ودعا إلى إقرار تشريع يمنح السلطات المحلية والفيدرالية مزيدًا من الصلاحيات للتعامل مع نشاط الطائرات بدون طيار.
أثارت التقارير المتعلقة باختفاء شحنة مواد مشعة في نيوجيرسي تفسيرات مثيرة للقلق حول ارتباطها بمشاهدات الطائرات بدون طيار. فقد أعلن عمدة بيلفيل، مايكل ميلهام، أن النشاط قد يكون مرتبطًا بالبحث عن مواد مفقودة، وهو ما أكده تقرير لجنة التنظيم النووي.
اتهامات بالتجسس وتصعيد سياسي
قال النائب الجمهوري مايكل ماكول إن الصين ربما تكون وراء النشاط المكثف للطائرات بدون طيار فوق القواعد العسكرية الأمريكية، مشيرًا إلى احتمال وجود أغراض تجسسية. ووصفها بأنها “عدائية”، داعيًا الحكومة إلى تحديد المسؤولين عن هذه العمليات.
ذكرت “نيوزويك” أن لجنة الاستخبارات في مجلس النواب تلقت إحاطة مغلقة حول مشاهدات الطائرات بدون طيار، شارك فيها مسؤولون من مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة المخابرات المركزية. ولم تُفصح الجلسة عن نتائج واضحة حتى الآن.
دعوة لتوسيع الصلاحيات
دعا المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، الكونغرس إلى إقرار تشريع يمنح الحكومة الفيدرالية سلطات أكبر للتعامل مع الطائرات بدون طيار. وأكد على الحاجة الماسة لتحديث القوانين لمواكبة التحديات الأمنية الناتجة عن هذا النظام المتنامي.
ورغم المخاوف المثارة، أشار تحقيق مشترك بين مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الدفاع إلى أن الأضواء الساطعة التي شوهدت فوق نيوجيرسي ومناطق أخرى قد تكون نتيجة أخطاء في تحديد الهوية، حيث تبين أن بعضها طائرات مأهولة تعمل بشكل قانوني، أو حتى كواكب وأقمار صناعية.
تفسيرات غريبة ونظريات مؤامرة
لم تقتصر التفسيرات على السلطات فقط؛ فقد شاركت بيثيني فرانكل، نجمة تلفزيون الواقع، نظرية مؤامرة زعمت أن الطائرات بدون طيار تتبع جنودًا مفقودين من الحرب. ومع ذلك، نفت الحكومة الأمريكية أي ارتباط بين النشاط والمزاعم المثارة، مؤكدة أن المشاهدات لا تمثل خطرًا مباشرًا.
في حين تبذل الحكومة الأمريكية جهودًا حثيثة لمعالجة الموقف، يبقى السؤال مفتوحًا حول مصدر هذه الطائرات وغاياتها. وبينما تستمر التحقيقات، يدعو المشرعون إلى الشفافية الكاملة لضمان طمأنة الجمهور والحد من انتشار المعلومات المغلوطة.