تشير التوقعات إلى أن التقنيات المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي، من شأنها أن تسهم في الناتج المحلي الإجمالي للشرق الأوسط بما يربو على 300 ملياردولار بحلول عام 2031، إذ وفقَ تكهّنات الإمارات العربية المتحدة فإن الذكاءالاصطناعي سيضيف 182 مليار دولار إلى اقتصادها بحلول عام 2035
يتّسم عصرنا الذي نعيش فيه بالسرعة المذهلة التي تنتقل فيه المعلومات بطريقة تفوق حساباتنا الزمنية والمكانية. فالمعلومات على الهواتف الذكية والأجهزةاللوحية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وغيرها من الأدوات الذكية تتوفر بطرفة عين،وذلك بفضل التطور المطَّرد لأدوات الاتصال الجماهيري والابتكاراتالتكنولوجية. وقد أحدث الإعلام الجديد نقلة نوعية في صناعة العلاقات العامة.والمقصود هنا بالإعلام الجديد؛ أي: المنصات الرقمية؛ كمواقع شبكات التواصل الاجتماعي، والمواقع الإلكترونية، والمدوّنات، والبريد الإلكتروني، والتطبيقاتالمتنوّعة.
الرقمنة شريان الصناعات
تشير التوقعات إلى أن التقنيات المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي، من شأنهاأن تسهم في الناتج المحلي الإجمالي للشرق الأوسط بما يربو على 300 ملياردولار بحلول عام 2031، إذ وفقَ تكهّنات الإمارات العربية المتحدة فإن الذكاءالاصطناعي سيضيف 182 مليار دولار إلى اقتصادها بحلول عام 2035. وتعكس هذه الأرقام مدى الاعتماد على رقمنة العمل بصفتها الشريان الحيويّ لجميع الصناعات، والعلاقات العامة ليست استثناء.
يستوجب التطور الرقمي اعتماد نهج متكامل فيما يتعلق بالاتصال والعلاماتالتجارية والتسويق للخدمات التي تقدَّم حسب احتياجات العملاء. قبل عقد منالزمن، لم يكن أحد ليتخيّل أن منصّات التواصل الاجتماعية والمهنية؛ مثل:“فيسبوك” و”تويتر” و”لنكد إن”، ستحظى يوماً من الأيام بمثل هذا الانتشار واسع النطاق بين أعداد غفيرة من الجمهور. وكذلك لم يكن من المتصوَّر أن ينالالعمل الافتراضي (عن بُعد) الأهمية نفسها التي تحتلها الطرق التقليدية. فيعالم اليوم الذي يتّصف بالترابط عبر الفضاء الرقمي، لم يعد هناك معنىًللجغرافيا بمفهومها التقليدي، إذ تلاشت الحدود أمام التدفّق الهائل للمعلومات!في ظل هذا الإيقاع المتسارع والمركّب الذي يطبع حياتنا اليومية، يُنتظر منوكالات العلاقات العامة خدمة العملاء في تخصّصات وأسواق متعددة في آنِ معاً، وقد تكون هذه التخصصات أحياناً شديدة الترابط أيضاً، ما يجعل العمليةأكثر تعقيداً.
وتعليقا على ذلك، قالت ريم مسودة مديرة قطاع الاتصال والعلاقات العامة في أكاديمية العلاقات العامة- الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “يوماً بعد يوم، يزداد تركيز شركات العلاقات العامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على طيف متنوع من الأدوات التواصلية كالتسويق الاجتماعي والرقميوالإعلان والخدمات الاستراتيجية. وفي الوقت نفسه، لا تزال هذه الشركات في وضع جيد من حيث المهارات الأساسية المتعلقة بالعلاقات الإعلامية وبناء السمعة وإدارة الأزمات والتدريب الإعلامي والتدريب الإداري/ التنفيذيوالتأثير وتسويق الأداء وإنشاء المحتوى والإنتاج، وستحافظ على وضعها فيالمدى المنظور. ومع ذلك، فإن شركات العلاقات العامة التي ستتخذ خطوات نحو المستقبل من خلال تخصّصها في استخدام القنوات الإعلامية الإلكترونيةلمساعدة الشركات، ليس على إبراز علاماتها التجارية بفعالية وحسب، بللتسويق منتجاتها وخدماتها بنجاح أيضاً، ستتفوق على نظيراتها التي تستخدم الوسائل التقليدية“.
تولي الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أهمية كبرىللشمول الرقمي؛ حيث تفيد التقارير أن المملكة العربية السعودية، صاحبة أكبراقتصاد في العالم العربي، أنفقت ما لا يقل عن 37 مليار دولار على تكنولوجياالمعلومات والاتصالات في العام المنصرم وحده، بينما تسعى الإمارات العربيةالمتحدة إلى استثمار 23 مليار دولار بحلول عام 2024. كما تتميز الإماراتبأعلى معدل لانتشار للهواتف الذكية في منطقة الشرق الأوسط وشمالإفريقيا، إذ حلّقت حصة التجارة عبر الهاتف المحمول إلى 42 في المئة عام2020. وباتباع هذا النهج، تأخذ الشركات العاملة في الشرق الأوسط وشمالإفريقيا أيضاً زمام المبادرة ، مكثفةً استثماراتها في الخدمات الرقمية.
تسويق رقمي متكامل
في ظل ما تشهده صناعة الاتصال من تغيّر متسارع، تتبنّى شركات العلاقاتالعامة في الشرق الأوسط التحوّل الرقمي، متجاوزةً أنشطة العلاقات العامة التقليدية والمؤتمرات والمعارض والبيانات الصحفية. وعبر ركوبها موجةالتكنولوجيا، تعمل هذه الشركات على تطوير حملات تسويق رقمية متكاملة؛لتحقيق أقصى زيادة ممكنة في حركة المرور إلى مواقع الويب وتسهيل الوصول إليها، ما يعني التركيز على تحسين تفاعل المستهلك المستهدَف، والارتقاء بالمشهد العام للحملات التسويقية. وتكتسب المواهب المتنامية في صناعةالعلاقات العامة خبرات متعددة في الهاتف المحمول والإعلان عبر الإنترنت،والتسويق عبر محركات البحث وتحسينها، واستراتيجيات وسائل التواصلالاجتماعي، والتحليلات، وتطوير مواقع الويب. وقد أصبح التحوّل الرقمي،اليوم، ضرورة اقتصادية أكثر من كونه فقط خياراً لشركات العلاقات العامة فيالشرق الأوسط، خاصة وأن عملاء هذه الشركات ينتظرون منها إطلاق حملاتهم الترويجية، ومحتوياتهم التسويقية، وإعادة رسم صور علاماتهم التجاريةبشكل متزامن عبر قنوات اتصال متعددة.