سجلت أسعار الذهب العالمية يوم امس الجمعة أكبر تراجع أسبوعي منذ أواخر نوفمبر الماضي، متخلية بذلك مكاسب الثلاثة أسابيع المتتالية وذلك تحت ضغط ارتفاع عوائد السندات، والتأهب لرفع مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي أسعار الفائدة في وقت أقرب والذي قد يكون في مارس المقبل.
وسجل الذهب الخسارة الأولى في 2022 بعد تراجعه 1.7% ليصل إلى 1797.40 دولار للأوقية عند تسوية تعاملات يوم الجمعة، فيما صعد سعر العقود الآجلة للمعدن الأصفر تسليم شهر فبراير على المستوى اليومي 0.5% أو ما يعادل 8.20 دولار.
وقال طارق مرسي رئيس وحدة البحوث لدى شركة «سبائك مصر»: إن هناك 5 عوامل رئيسية دفعت الذهب للتراجع الأسبوعي الأكبر منذ أكثر من شهر تقريبًا والتي يأتي في مقدمتها التوقعات بالمضي قدوما في رفع الفائدة وهو ما يزيد من تكلفة الفرصة البديلة لحائزي المعدن الأصفر الذي لا يدر عائداً، وبيانات سوق العمل المتضاربة، والخوف من انتشار جائحة كورونا، وعودة ارتفاع الدولار، وزيادة عوائد السندات الأمريكية لمستويات قياسية لأجل عشر سنوات إلى أعلى مستوى منذ مارس 2021.
وأوضح أن الوباء يظل المؤثر الأكثر خطورة على جميع الأسواق حيث أدى ارتفاع عدد الإصابات الذي تجاوز مليون حالة يومياً، في الولايات المتحدة، بالتزامن مع أعداد أخرى قياسية في أوروبا والهند وغيرها من البلدان، وهو ما أثر بشكل كبير على قرارات البنوك المركزية لمواجهة تلك الموجة العاتية من الإصابات، وتأثيراتها السلبية على الاقتصادات، في ظل تضخم مرتفع بوتيرة كبيرة.
وأشار إلى أن ثاني تلك العوامل بيانات سوق العمل المتضاربة حيث أظهرت البيانات التي صدرت يوم الثلاثاء، ترك 4.53 مليون أمريكي عملهم خلال شهر نوفمبر وحده وهو رقم قياسي جديد، بعد الذي تم تسجيله في سبتمبر عند 4.36 مليون وهو يمثل زيادة 9% عن شهر أكتوبر، ما أدى لارتفاع مؤقت لأسعار الذهب قبل صدور محضر اجتماع لجنة السوق المفتوحة والذي أعاد الأسعار للمسار الهابط.
وأضاف: «إلا أن قراءة مؤشر التغير في التوظيف بالقطاع الخاص غير الزراعي سجلت نمواً قدره 807 آلاف وظيفة خلال ديسمبر الماضي، بما يزيد عن التوقعات التي كانت عند 405 آلاف وظيفة، وأقل من القراءة السابقة والتي سجلت نمواً بمقدار 534 ألف وظيفة خلال نوفمبر الماضي، والتي تم تعديلها بالتخفيض إلى 505 آلاف وظيفة».
وتابع: «إن ثالث تلك العوامل تذبذب قوة الدولار خلال تداولات الأسبوع حيث اتجه مؤشر العملة (الدولار إندكس)، الذي يقيس قوة الدولار أمام 6 عملات رئيسية، للتحرك بشكل عرضي منذ بداية تداولات الأسبوع، وحتى إغلاق جلسة الجمعة، حيث افتتح عند 95.62 الاثنين، ليصل إلى 95.69 يوم الجمعة».
وأوضح أن رابع تلك العوامل محضر اجتماع لجنة السوق المفتوحة الأمريكية، الذي صدر يوم الأربعاء، والذي أوضح أن موعد رفع معدل الفائدة قد يكون في وقت أبكر من المخطط له، وأنه قد يتم تسريع وتيرة تقليص المشتريات مرة أخرى إذا استدعى الوضع ذلك وهو ما فاجأ الأسواق لحد كبير، حيث كانت الأسواق تتوقع بعض التراخي من جانب الفيدرالي وهو ما ضغط بشكل كبير على أسعار الذهب خلال أغلب جلسات التداول حتى يوم الجمعة.
وأشار إلى أن خامس تلك العوامل عائدات السندات، والمعروفة بتتبعها توقعات أسعار الفائدة على المدى القريب، حيث ارتفعت بنحو 3 نقاط أساس إلى أعلى مستوى لها في 22 شهراً عند 0.860%، كما ارتفعت العوائد القياسية لأجل 10 سنوات 1.4 نقطة أساس فوق 1.71%، وهو أعلى مستوى لها منذ أبريل 2021 وهو ما يضر أسعار الذهب.
ولفت إلى أن التضخم لم يغب عن دائرة التأثير حيث استحوذ التضخم على نقاشات لجنة السوق المفتوحة الأمريكية، والبنك المركزي الأوروبي، وغيرهما من البنوك المركزية الرئيسية حول العالم، فمع وصول التضخم لمستويات هي الأعلى خلال 40 عاماً، تصبح كل مكتسبات التحفيز في خطر ما لم يتم كبح هذا التضخم وهو ما انعكس على قرارات الفيدرالي الأمريكي، والذي أوضح أنه لا بد من تسريع إجراءات التشديد لمواجهة ارتفاع التضخم.
وتوقع أن يواجه الذهب أسبوعاً صعباً مع بيانات التضخم، والتي ستضغط على توجه الأسعار للتحرك الحذر حتى صدورها والتي ستكون دافعة قوية للصعود إذا صدرت بشكل سلبي، بينما سيكون أثرها محدوداً، وربما تميل بالأسعار للهبوط إذا ما صدرت بشكل متباين، أو بارتفاعات هامشية.