
نشرت منصة مركز المعلومات الخاصة بمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، «مسبار الأمل»، صورة حديثة للكوكب الأحمر تحمل ملاحظات علمية جديدة، حيث رصدت كاميرا الاستكشاف الرقمية EXI المخصصة لالتقاط صور ملونة عالية الدقة لكوكب المريخ بتاريخ 4 يوليو 2022، ومن على ارتفاع 39.800 كيلومتر، أنه وفي أواخر الخريف وخلال شتاء نصف الكرة الشمالي للكوكب، وعند خط الطول الشمسي 259 درجة، تحجب المنطقة القطبية الشمالية بغيوم كثيفة من الجليد المائي تسمى بغطاء القطب الشمالي.
تفسيرات علمية
ولوحظ من خلال هذه الصور وجود خطوط ساطعة وأخرى مظلمة في غطاء القطب الشمالي، فيما تظهر أحد التفسيرات لهذه الظاهرة، أن الرياح الإقليمية تتفاعل مع التضاريس المرتفعة لبركان الدرع الضخم «ألبا باتيرا» جنوب غطاء القطب الشمالي، مما يؤدي إلى ظهور موجات الغلاف الجوي، وتصبح هذه الموجات مرئية على شكل أنماط ساطعة ومظلمة بالتناوب في غيوم القطب الشمالي، فيما تظهر الصورة مجموعة أودية «فاليس مارينيرس» وهي محجوبة جزئياً بسبب ضباب الغبار أدنى وسط الصورة.
ويواصل «مسبار الأمل» مهمته الأساسية بنجاح من خلال رسم خريطة الغلاف الجوي للمريخ، حيث يقترب من الانتهاء من عام مريخي «عامين أرضيين»، في دراسة الغلاف الجوي للكوكب الأحمر، فيما ومنذ وصوله إلى مدار المريخ في التاسع من فبراير 2021، استطاع مسبار الأمل من توفير معلومات كثيرة ومتنوعة عن الغلاف الجوي للمريخ، وذلك ضمن 5 دفعات من البيانات والصور فائقة الجودة، حيث تم رصد اكتشافات جديدة لظواهر مناخية، كما نالت هذه البيانات العلمية اهتمام المجتمع العلمي العالمي، لما لهذه المعلومات من أهمية وحداثة، والتي باستخدامها سيتم إحداث نقلة نوعية في العلوم العالمية وقطاع الفضاء.
حزمة أولى
وتضمنت الحزمة الأولى من البيانات صوراً فريدة للمريخ ترصد ملاحظات غير مسبوقة حول سلوك غازات الغلاف الجوي للكوكب الأحمر والتفاعلات التي تحدث بينها، وأظهرت الملاحظات اختلافات كبيرة في وفرة كل من الأوكسجين الذري وأول أكسيد الكربون في الغلاف الجوي العلوي للمريخ في الجانب النهاري من الكوكب.
وتسهم الاكتشافات الجديدة التي وفرتها الحزمة الأولى من البيانات في تغيير المفاهيم السابقة للعلماء حول توزيع الضوء فوق البنفسجي المنبعث من الغلاف الجوي العلوي للمريخ، حيث تظهر وجود هياكل شاسعة لوفرة الأوكسجين الذري تختلف في مستوياتها عن المتوقع، فيما تشير أيضاً إلى اضطرابات جوية غير اعتيادية في الغلاف الجوي، خصوصاً أنه قد تم التقاط الصور في وقت كان المريخ قريباً من قمة مداره (الأكثر بعداً عن الشمس)، بينما كان النشاط الشمسي منخفضاً، إذ بينت الصور المشهد الاستثنائي لانبعاثات الأوكسجين عند الطول الموجي 130.4 نانومتراً.
105 غيغابايت
وكشفت الحزمة الثانية عن معلومات مهمة تساعد المجتمع العلمي العالمي على استحداث نماذج علمية أكثر دقة للغلاف الجوي للمريخ، وتسهم في فهم أعمق لتغيراته، وتضمنت 76 غيغابايت من المعلومات والصور والبيانات العلمية جمعتها الأجهزة العلمية التي يحملها «مسبار الأمل» على متنه خلال الأشهر الأولى لبدء مهمته العلمية حول الكوكب الأحمر، وتحديداً في الفترة ما بين 23 مايو إلى 31 أغسطس 2021.
وفي مطلع أبريل الماضي، نشر مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، الحزمة الثالثة من البيانات، البالغة 29 غيغابايت، التي جمعها المسبار بين 1 سبتمبر و30 نوفمبر 2021، والتي ساعدت الخبراء والعلماء على توسيع فهمهم حول التغير المناخي على الكوكب الأحمر، خصوصاً أن كاميرا الاستكشاف الرقمية رصدت تسع صور يوم 22 نوفمبر 2021، التقطت كل منها بفارق زمني بلغ خمس دقائق عن سابقتها، وهذه الصور تتمحور حول دراسة حركة الرياح، ومراقبة ظاهرة تشكل الغيوم، وحركة عواصف الغبار.
ملاحظات
وقدمت الحزمة الرابعة من البيانات مجموعة جديدة من الملاحظات العلمية الخاصة بالغلاف الجوي لكوكب المريخ، ومن أبرزها الملاحظات التي رصدها المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية لمسبار الأمل، والتي توفر تغطية أفضل لشفق المريخ، كما رصد المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية، جسيمات الطاقة الشمسية والأشعة الكونية المجرية من خلال تجربة أجراها عبر مراقبة ما يلتقطه الجهاز وهو مغلق، كما وأظهر المقياس أيضاً، إمكانية العمل بحساسية ودقة أعلى إن احتاج الأمر عند التقاط الملاحظات العلمية.
ووفر مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ الحزمة الخامسة 236.8 غيغابايت من الصور والبيانات التي يصل حجمها إلى 236.8 غيغابايت، التي غطت الفترة ما بين الأول من مارس، و31 مايو 2022، شملت ملاحظات علمية متخصصة لدراسة حركة الغبار تم رصدها بواسطة كاميرا الاستكشاف الرقمية، وملاحظات جديدة رصدها المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية في الغلاف الجوي العلوي للكوكب الأحمر، التي تجري بمعدل مرة واحدة أسبوعياً، وهي عبارة عن تحديق عالي الدقة من ناحية الطول الموجي لقرص المريخ.
وتمكنت كاميرا الاستكشاف الرقمية «EXI» الخاصة بالمسبار من التقاط صور خاصة عالية الدقة، حيث رصدت الكاميرا، التي صممت خصيصاً لالتقاط التحركات والتغيرات التي تطرأ في الغلاف الجوي، حركة الغبار في 9 و29 يناير و23 فبراير من العام الجاري، كما راقبت السحب في 42 ديسمبر عام 2021 و7 و25 يناير من العام الجاري 2022.
مجتمع علمي
وتركز المهمة العلمية لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل» على جمع البيانات ورصد الملاحظات التي تساعد على دراسة العلاقة بين الطبقتين العليا والسفلى من الغلاف الجوي للمريخ، ما يتيح للمجتمع العلمي تكوين صورة شاملة عن مناخ المريخ وغلافه الجوي في أوقات مختلفة من اليوم وعبر فصول السنة المريخية.
ويحمل «مسبار الأمل» ثلاثة أجهزة علمية مبتكرة هي كاميرا الاستكشاف الرقمية EXI التي تلتقط صوراً ملونة عالية الدقة لكوكب المريخ، وتستخدم أيضاً لقياس الجليد والأوزون في الطبقة السفلى للغلاف الجوي، والمقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء EMIRS، الذي يقيس درجات الحرارة وتوزيع الغبار وبخار الماء والغيوم الجليدية في الطبقة السفلى للغلاف الجوي، والمقياس الطيفي بالأشعة ما فوق البنفسجية EMUS، ويقيس الأوكسجين وأول أكسيد الكربون في الطبقة الحرارية للمريخ والهيدروجين والأوكسجين في الغلاف الخارجي للمريخ.