يعاني الأطفال وكبار السن بعض المشكلات التي تحدث نتيجة التغيرات المعتادة في النظام الغذائي ونوعية الأكل وتوقيت تناول الطعام وعدد الوجبات، وعدم الالتزام بالقواعد الصحية أثناء صوم رمضان. وعلى الرغم من أن الصيام يمنح الجسم قدراً من التوازن ويعزز النشاط والحيوية، فإن عدم الالتزام بالعادات السليمة في النوم والغذاء والإفراط في تناول الأطعمة والحلويات، يؤدي اضطرابات متعددة.
يؤكد د. أيمن معروف، استشاري طب الأطفال، أن صيام الصغار لا يُنصح به قبل بلوغهم السابعة، ويكون بشكل تدريجي حتى سن العاشرة، ليكونوا قادرين على الصيام بصورة كاملة في مرحلة البلوغ. ويطالب بمراعاة الحذر واستشارة الطبيب أولاً قبل الصيام، خاصة بشأن الأطفال الذين يعانون من الأمراض المزمنة كداء السكري ومشكلات الكلى والمصابين بالأنيميا وضعف النمو.
يشير د.معروف إلى أن وجبة الإفطار يجب أن تحتوي على جميع العناصر الغذائية التي تساهم في تعويض الطفل عن ساعات الصيام، وأن تتكون من: النشويات مثل الأرز والبطاطس، والبروتينات مثل: البيض والسمك واللحوم مع الفواكه والخضروات المتنوعة والسوائل ومنتجات الألبان الغنية بالكالسيوم والبعد عن الوجبات السريعة غير الصحية والوجبات عالية الملح أو السكر.
ويلفت إلى أن السحور من أهم الوجبات التي يجب أن يتناولها الطفل، مع الحرص على تأخيرها قدر الإمكان، ويجب أن تحتوي على مكونات غذائية متكاملة من النشويات، كالخبز والحبوب والبطاطس، وكذلك البروتينات مثل البيض والحليب والجبن والبقوليات مع الخضروات المتنوعة، لتمنحه الطاقة التي يحتاجها، وتساهم في عدم الإحساس بالجوع خلال النهار. وينصح بتناول المأكولات الغنية بالملح عند السحور، لأنها تزيد من الشعور بالعطش، ويفضل تناول الأطعمة الغنية بالبوتاسيوم مثل الموز والبرتقال والبطاطس لأنها تحافظ على الاحتفاظ بالماء في الجسم.
ويوصي د.معروف بتناول الطفل كميات جيدة من السوائل بين الإفطار والسحور لمنع تعرضه للجفاف، والابتعاد عن تناول المشروبات الصناعية عالية السكر، كما ينصح بأن لا يقوم الطفل بأي مجهود شاق خلال ساعات الصوم مع الانتباه الدائم إلى حالته الصحية، وفي حال شعر بالتعب أو لم يستطع تحمل الصوم يجب الإفطار فوراً.
جدول الأدوية
توضح د. نور هشام، طبيبة الصحة العامة، أن كبار السن يمكنهم الصيام بشكل آمن، لكن بما يتعرض البعض منهم لبعض المشكلات الصحية، مثل: عسر الهضم وحرقة المعدة الناجم عن امتلاء المعدة بعد فترة الصيام، فربما يخرج الحمض إلى المريء ويسبب حرقة، ويمكن أن يعانوا أيضاً انتفاخ البطن والتجشؤ، وتباطؤ عملية الهضم، وخصوصاً عند تناول كميات كبيرة، والغثيان والتقيؤ بسبب تراكم الأكل في المعدة والجهاز الهضمي، كما يؤدي اختلاف أوقات تناول الطعام في وقت متأخر من اليوم إلى اضطراب النوم أثناء الليل وبالتالي الأرق.
وتشير د.هشام، إلى ضرورة إعادة ترتيب الجدول الزمني للأدوية خلال شهر رمضان، حيث يمكن للأشخاص الذين يتناولون جرعة واحدة يومياً من الدواء أن تبقى ثابتة دون تغيير، لكن يمكن تبديل موعدها من ساعات النهار إلى ما بعد الإفطار، بعد مراجعة الطبيب المختص للتأكد من عدم وجود خطر على صحة المريض، فمن الممكن أن تختلف فاعلية هذه الأدوية وكفاءتها في حال تغيير مواعيدها.
وتضيف: أما المرضى الذين يتناولون جرعتين من الأدوية أو أكثر يومياً، فمن الممكن أخذ الجرعة الأولى على وجبة الإفطار والثانية عند موعد وجبة السحور، إلا أن الصعوبة تكمن لدى كبار السن أصحاب الأمراض المزمنة كالضغط أو السكري وأمراض القلب والذين يتعين عليهم تناول ثلاث جرعات يومياً، حيث يتعين عليهم إعادة جدولة توقيت الأدوية مع الطبيب المعالج ومدى قدرة الجسم على الصوم.
أعراض مختلفة
توضح د. ميساء السليمان، أخصائية طب الأسرة، أن عسر الهضم من المشكلات الشائعة خلال شهر رمضان، حيث إن التغيير في العادات الغذائية وتوقيت تناول الطعام وتعدد الأصناف الغذائية في الوجبة الواحدة وزيادة السعرات الحرارية المتناولة يومياً خلال فترة الإفطار، يؤدي إلى إجهاد واضطرابات في الجهاز الهضمي عند الصائم.
وتضيف: يرافق عسر الهضم أعراض مختلفة منها ألم المعدة والقولون والإحساس بحرقة المعدة والحموضة وزيادة الشعور بالارتجاع المريئي، والإحساس بنفخة البطن والخمول والصداع وعدم القدرة على القيام بالأنشطة المعتادة.
تشير د.السليمان، إلى أن الممارسات والعادات الغذائية الخاطئة في رمضان لها تأثير كبير على صحة الصائم والجهاز الهضمي، حيث إن تناول الوجبات الغنية بالدسم والتي تحتوي على نسبة كبيرة من الكربوهيدرات بكميات كبيرة وخلال وقت قصير، في الفترة من الإفطار وإلى السحور، وتتسبب في سوء الهضم والتخمة وأعراض عسر الهضم، إضافة إلى زيادة الوزن والشحوم في الدم على المدى البعيد.
تنصح د.السليمان، ببعض النصائح الوقائية والتي تحد من حدوث عسر الهضم، مثل: تقليل كميات الطعام الموجودة في وجبة الإفطار أو تناولها بكميات صغيرة على فترات متباعدة، وشرب الماء بكثرة لمساعدة الجهاز الهضمي في عمليه الهضم والتخلص من الفضلات والسموم من الجسم، وعدم الإكثار من السوائل أثناء تناول الطعام، حيث إنها تسهم في تمديد عصارة المعدة، وربما تعرقل عمليه هضم الأنزيمات للطعام وتسبب التخمة والانزعاج.
وتضيف: يفيد أيضاً الإكثار من تناول الألياف الغذائية والأطعمة الصحية الغنية بالفيتامينات كالفواكه والخضراوات، والابتعاد قدر الإمكان عن الوجبات السريعة، وعدم النوم مباشرة بعد الطعام والاعتياد على ممارسة رياضة المشي لتنشيط الدورة الدموية.
نظام خاص
تؤكد د. نور هشام أن كبار السن يجب أن يتبعوا نظاماً غذائياً ومنظماً للحفاظ على الصحة وتجنب المشكلات، ويتم ذلك باتباع بعض النصائح والإرشادات، كالتالي:
* ينصح بتواجد التمر والماء واللبن على المائدة الرمضانية يومياً، والبدء بها عند الإفطار للحفاظ على نسبة الجلوكوز في الدم، مع الانتباه لكميات التمر وخصوصاً لدى مرضى السكر.
* تناول الأغذية المزودة بالبروتين والغنية بالألياف والبقوليات حيث أنها تعطي الشعور بالشبع لفترات أطول، وانتقاء الأطعمة الخفيفة، كالتمر، والشوربة لتعزيز الشعور بالنشاط والابتعاد عن الخمول الذي ينجم عن الإفراط في الأكل، والابتعاد عن الأطعمة الدهنية لتجنب اضطرابات الجهاز الهضمي وعسر الهضم.
* محاولة تأخير تناول وجبة السحور إلى فترة الإمساك وعدم تخطيها، لتجنب الهبوط أثناء فترة الصيام، ومن المستحسن اختيار البروتينات والكربوهيدرات المعقدة والفواكه للإحساس بالشبع لفترة أطول.
* الحرص على تناول الشوربة والخضراوات والفواكه الغنية بنسبة كبيرة من الماء والسوائل، ما يساعد على ترطيب الجسم والحفاظ على توازنه وصحته، ويُنصح بالابتعاد عن المشروبات التي تحوي الكافيين؛ إذ إنها تسهم في زيادة الجفاف خصوصاً لدى كبار السن.
* المحافظة على النشاط البدني أثناء الصيام مثل المشي أو تمارين اليوغا، وأخذ قسط كافٍ من الراحة والمحافظة على ساعات النوم ليلاً لتجنب إرهاق الجسم والصداع وفقدان التركيز أثناء ساعات الصيام.