بقلم الدكتور: تامر متولي، استشاري الطب النفسي في مستشفى ريم والمدير الطبي لمركز ريم نيوروساينس
للصيام فوائد كثيرة منها فوائد شخصية، كالامتناع عن العادات اليومية في حياتنا، مما يؤدي إلى الارتقاء بالروح، وهذا أحد أنواع التأمل الذي له تأثير إيجابي مباشر على الصحة النفسية، ويشمل هذا التأثير جميع الصائمين، ولكن يكون له أثر أكبر على صحة المريض النفسي؛ لأنه ربما يكون نوعًا من أنواع العلاج. فالطرق التي يمكن أن نستخدمها لمساعدة الذين يعانون من مرض نفسي تشمل التأمل والتأقلم وهي حاضرة في فوائد الصيام.
وللصيام فوائد اجتماعية أيضًا، تتمثل في بناء المزيد من العلاقات الشخصية، وتعزيز عاداتنا الاجتماعية مع الأهل والأصدقاء. فخلال هذا الشهر الكريم نلتقي، ونتعامل مع بعضنا البعض بطريقة مختلفة عن حياتنا اليومية العادية.
ومن بين فوائد الصيام؛ تهذيب النفس، وشعورنا بالأشخاص الذين لا يملكون قوت يومهم، الأمر الذي يؤثر في أنفسنا إيجابيًا، ويجعلنا نتأمل حجم النعم التي نعيش فيها.
وهناك عدد من المخاوف لبعض الأشخاص قبل صيام شهر رمضان، وخاصة المرضى النفسيين؛ وهو الخوف من الضغط العصبي، والتوتر المرتبطين بالصيام. ولهذه الأعراض تفسير طبي فسيولوجي؛ فعندما ينخفض مستوى السكر في الدم، يؤثر ذلك على المزاج، ويزيد من القلق والتوتر، وكذلك ممكن أن يؤدي إلى رد فعل مبالغ فيه أحيانًا.
والحل هنا؛ هو التفكير وطرح السؤال التالي على أنفسنا: لماذا نصوم؟، هل هو نوع من أنواع العذاب؟، الإجابة قطعًا لا. فنحن نصوم للارتقاء بذاتنا، وأرواحنا، والتقرب من الله سبحانه وتعالى، والتغيير البسيط في النظرة للموضوع كنشاط أريد أن أفعله بكامل إرادتي وله فائدة مباشرة عليَّ، يقلل من الغضب والعصبية والتوتر الذين نراهم أحيانا في رمضان، وكذلك ثواب الصيام الذي يجعل الفائدة النفسية موجودة بدلاً من الضرر النفسي.
وهنا لدي نصيحة مهمة لكل المراجعين النفسيين بشكل خاص، والمسلمين بشكل عام، وهي الحاجة إلى تذكير أنفسنا بأسباب الصيام. كل يوم علينا تذكير أنفسنا بأننا نقوم بأمر مفيد، نتقرب من الله، ونرتقي بروحنا وذاتنا، ونتحكم في رغباتنا وشهواتنا، ولكل هذا فوائد عديدة.. إذاً تغيير النظرة يحقق فوائد كبرى.
والطب النفسي ككل أنواع الطب يشمل حالات قد لا يكون الصيام مناسبًا لها. فلا يوجد حالة معينة يمكن تحديدها، بل يجب استشارة الطبيب. فيمكن أن يعاني المريض من الاكتئاب ويستطيع الصوم، ويكون الصيام مفيدًا له، ويكون جزءًا من العلاج. أما في حالة مريض آخر لديه اكتئاب في مراحله الأولى، فيصبح الموضوع صعبًا جدًا، لأن الحالة المزاجية لا تسمح بالتنعم بفوائد الصيام. وطبعًا العلاج والتوقيت مهمان.. بالتالي بالاتفاق مع المعالج ومراجعته من الممكن أن ننصح بعدم الصيام في هذا الحالة، ولكن أكرر أنه لا يوجد حالة واحدة تنطبق على كل المرضى النفسيين الذين يعانون من مرض معين، كل حالة يجب دراستها لوحدها، ويجب مراجعة الطبيب.
وبالنسبة للمرضى النفسيين الذين يتناولون أدوية معينة، نلتزم بها بشكل طبيعي في رمضان. النصيحة العامة أن الدواء الصباحي يؤخذ بعد الفطور، والمسائي يأخذ قبل النوم، ولكن أنصح باستشارة الطبيب حول مواعيد الأدوية في حال وجود تحاليل أو أي أمور أخرى سنقوم بها خلال رمضان. النصيحة الأساسية هي أن نكمل الالتزام بأدويتنا بشكل عادي في رمضان، وهذا يساعد الصائم ولا يؤثر عليه سلبًا.