أكد عدد من الكتاب والرسامين العرب والأجانب أنه لا يمكن الوصول إلى جيل مبدع من دون بناء علاقته مع الكتاب، لافتين إلى أن الدور الرئيسي في ذلك يقع على الآباء والمدرسين والحكومات في توجيه انتباه الأطفال نحو المطالعة وتحفيز أسس القراءة في نفوسهم ليكونوا أفراداً قادرين على اكتشاف والابتكار.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية بعنوان “الكتاب بوابة الثقافة” أقيمت ضمن فعاليات مهرجان الشارقة القرائي للطفل، التي تستمر دورته الـ11 حتى 27 أبريل الجاري في مركز إكسبو الشارقة، وأدارتها الشاعرة شيخة المطيري واستضافت كلّاً من الكاتب العُماني أحمد الراشدي، والرسامة الاسترالية شان دي آنتيس، والمؤلفة الأمريكية من أصول باكستانية هينا خان، والقاصة الكويتية أمل الرندي.
واستهل الكاتب العُماني أحمد الراشدي حديثه بالإشارة إلى أن القراءة للأطفال وتنظيم ورش العمل المتخصصة لهم تحفزهم على التقرب من الكتاب وتشحذ خيالهم نحو مواصلة الإبحار في جماليات المعاني التي تضمها دفتيه، وتابع”: من خلال التجارب التي مررت بها وجدت أن تعزيز علاقة الطفل مع الكتاب تقودهم نحو البحث عنه في أي وقت وأي مكان، فالكتاب بوابة المعارف جميعها ولابد من الاهتمام بتحبيب الأجيال الجديدة بالقراءة واتخاذ القراءة نهجاً يومياً وأسلوب حياة”.
وأضاف”: منذ العام 2010 وأنا أشعر بسعادة غامرة، فقد عملت على تخصيص مكتبة في منزلي أنا وزوجتي ولا يمكنني وصف الشعور عندما أسمع طرقاً على باب المنزل من أطفال الحيّ وهم يصيحون عميّ نريد كتاباً!، لدرجة أنني وضعت في الخارج دفتراً للاستعارات يدوّن عليه الصغار أسمائهم عندما يستعيرون الكتب، هذه المكتبة عامل أفخر به ويلهمني نحو نشر هذه الثقافة للمحيط الذي أعيش به كي نؤسس الأجيال الجديدة على القيم التي تلهمهم لاكتشاف المستقبل بالأسلوب الأمثل”.
من جهتها قالت الكاتبة الأسترالية شان دي آنتيس:” عندما نعلم الأطفال الكتابة والقراءة نأخذهم للحياة من أوسع أبوابها، ويجب أن نبقى متابعين للطفل وأن نلفت انتباههم بشكل كبير نحو اختيار الكتب التي تستهويهم لا أن نقف عائقاً أمام اختياراتهم وهذا عامل مهم يعزز من ثقتهم بأنفسهم ويجعلهم قادرين على الاختيار والاستفادة بشكل كبير”.
وتابعت:” أنا أحب أن أرسم للأطفال فالرسومات تلهم خيالهم وتطوف بهم نحو عوالم من الجمال ومن الضروري أن يتم تضمين الكتب والمؤلفات الموجهة للأطفال بالرسومات فهي عامل مهم لسرد الحكاية على الأطفال كونها تملك مفاتيحها، ولطالما أحببت الرسم باستخدام الأقلام والأوراق ولا أشعر بمتعة عندما أرسم على جهاز الكمبيوتر أو الجهاز المحمول”.
بدورها لفتت الكاتبة الأمريكية هينا خان إلى أن دراسة أمريكية أكدت دور المكتبة المنزلية في مضاعفة تحصيل الأطفال العلمي والمعرفي، مشيرة إلى أن على الآباء أن يخصصوا مكتبات منزلية تحتوي على عناوين مؤلفات تستهوي الأطفال وحبذا لو كانت من اختياراتهم الخاصة مع التأكيد على مراقبة المحتويات عن بعد وبدقة.
وتابعت:” الاهتمام بتحصيل الأطفال المعرفي يولّد لديهم خبرات مهمة ومضاعفة في الحياة وعلى الآباء أن يتأكدوا من أن أطفالهم يميلون نحو جنس معين من أجناس الأدب، فهناك أطفال تستهويهم الحكايات السحرية، وآخرون يجدون في البحث عن شخصيات خارقة متعة، وهناك فئات تبحث فقط عن الإبحار في عوالم الصورة والرسم دون التطرق بالضرورة إلى المحتوى المكتوب وهذا أمر مهم يجب الانتباه له للوصول إلى جيل قادر على الابداع”.
وفي مداخلة لها أكدت الكاتبة الكويتية أمل الرندي أن دولة الكويت رائدة في مجال الاعتناء بأدب الطفل حيث قدمت عرضاً يلخص الجهود الكبيرة التي بذلتها المؤسسات والجهات الحكومية في دولة الكويت وأثر تلك المطبوعات من مجلات وصحف وفنون موجهة للأطفال في إيجاد جيل مثقف قارئ يقود المشهد الثقافي الراهن ويثري التجارب العربية بالكثير من المضامين.
وأضافت الرندي: “تم إصدار 24 مجلة متخصصة للأطفال في دولة الكويت لكن مع تضاعف تكلفة الطباعة والتغليف وغيرها تناقص عددها إلى 10، وقدمت هذه المجلات المتخصصة في أدب الطفل الكثير من الثراء اللغوي والمعرفي والثقافي للأجيال، وساهمت في قيادتهم نحو تبني القراءة والمطالعة كأسلوب حياة وتحصيل علمي وفكري، وهذا أمر نفخر به ونتطلع إلى أن يكون هناك اهتمام أكبر بالكتاب والدفع باتجاه حضوره بشكل مكثف لا سيما في ظل إقدام الأطفال على التسلية في مجالات التكنولوجية الراهنة التي تتصاعد يوماً بعد آخر”.