
نشرت صحيفة “التايمز” افتتاحية حول جهود الحكومة لإجلاء المواطنين البريطانيين من السودان، وقالت إن على الحكومة التفكير في جاهزيتها لإجلاء البريطانيين من مناطق النزاع. ففي الوقت الذي انتشرت فيه الفوضى في السودان، تقترب المهمة البريطانية للإنقاذ في السودان من نهايتها.
وأقلعت آخر طائرة يوم السبت، حيث أعلنت الحكومة البريطانية أن العملية “ناجحة للغاية”، ولكن علينا ألا أن نقلّل من نجاح وزارة الخارجية في إخراج المواطنين البريطانيين من السودان، مع أن الحكومة يجب ألّا تتعجل وتهنئ نفسها بالنجاح. وبداية، لديها عمل كبير لمساعدة الأفراد الذين ظلوا في السودان ومن حقهم الحصول على دعم من الدولة البريطانية.
وذكرت الصحيفة، في تقرير لها، أن العشرات لا يزالون عالقين وسط الحرب لأن جوازاتهم في مركز التأشيرات المغلق الذي كان يتعامل مع التأشيرات عندما اندلعت الحرب. وفي مقابلة مع رجل التقتْه الصحيفة، حيث قدّمَ وزوجته البريطانية وأولاده البريطانيين الثلاثة طلباً للحصول على تأشيرة قبل عام تقريباً.
ويبدو أن التأخير راجع للأمور الإدارية التي نتجت عن وباء كورونا، ومنع من ركوب الطائرة، يوم السبت، وتعرّضَ لإطلاق النار في طريق عودته إلى البيت.
الوضع في السودان فوضوي وخطير، وليس لدى البريطانيين البنية التحتية التي أقاموها على مدى عقدين في أفغانستان.
وعلى الحكومة التفكير في ما إن كانت كل ملامح عملية الإجلاء صحيحة، إذ يجب علينا ألا نبالغ بالمقارنة بين عمليات الإجلاء من كابول، في عام 2021، والسودان. فالوضع في السودان فوضوي وخطير، وليس لدى البريطانيين البنية التحتية التي أقاموها على مدى عقدين في أفغانستان، ومعرفة مفصلة بالواقع المحلي.
وقالت الحكومة إنها أجلت 1.888 شخصاً في 21 رحلة جوية، وهذا إنجاز مهم في ظروف يائسة وتفرض تحديات. إلا أن الرد يحتاج إلى تمحيص دقيق، فبعد كارثة كابول، والتي كان على الحكومة التعلّم منها وبشكل كبير، وصفت العملية في أفغانستان بالفوضوية والعشوائية في مجال اتخاذ القرارات، ومن دون مصادر كافية وسوء إدارة وغياب القيادة والمحاسبة وغياب التسلسل القيادي. وعلى الحكومة أن تفكر، وبالتحديد في مَلْمَحَيْن للعملية، ومن أجل التأكد من ردها السريع والفعال في أزمات مستقبلية؛ الأول، هو الجاهزية، فقد ذكرت المصادر الحكومية أن السفير البريطاني في الخرطوم كان في إجازة وقت اندلاع العنف، وهو ليس متنبئاً، ولا يعرف بالضبط متى اندلع العنف والوقت الذي يحتاج إليه.
ومع ذلك كانت الشكاوى من زوايا في داخل الحكومة بشأن التخطيط غير الكافي. فوزارة الخارجية والسفارة كان يجب أن يكون لديهما خطة جاهزة للإجلاء، وفي ضوء تاريخ النزاعات العنيفة في البلد.
أما الأمر الثاني، فيتعلق بقرار من يجب إجلاؤه ممن يجب تركه واتخذ منعطفاً غريباً. فقد كانت هناك فترة 48 ساعة بين إجلاء الدبلوماسيين البريطانيين وقرار الحكومة أنها ستقوم بإجلاء المدنيين. وجاء القرار في وقت بدأت فيه دول أخرى بإنقاذ مواطنيها. وتشير الحكومة إلى أن سبب تقديم الأولوية للدبلوماسيين أنهم كانوا مستهدفين، وكانوا وسط محور حرب، ولكن البريطانيين الآخرين لم يكونوا بمأمن من الحرب. وكان القرار الأولي لإنقاذ الأطباء الذين يعملون في الخدمة الصحية الوطنية، وجرى إلغاؤه لاحقاً، مثيراً للغرابة. ويعمل أبناء هذا البلد ويعيشون في كل زاوية من الكرة الأرضية، بما فيها دول غير مستقرة ولا يمكن التكهّن بها، ومن حقهم توقع حماية من الدولة البريطانية عندما يحتاجون إلى اليها.