التقت صحيفة كل العرب مع الدكتور هاورد بودولسكي الرئيس التنفيذي لمجموعة “مركز كامبريدج للرعاية الطبية وإعادة التأهيل” للحديث عن تطور قطاع خدمات الرعاية الصحية الخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي
– هل يمكنكم توضيح مكانة خدمات الرعاية ما بعد حالات الإصابة الحادة ضمن سلسلة الرعاية الصحية؟
تأتي الحاجة لخدمات الرعاية ما بعد حالات الإصابة الحادةعادةً للمرضى الذين تم تسريحهم مؤخراً من المستشفيات ولكنهم لا يزالون بحاجة إلى خدمات رعاية صحية على الأجل الطويل و/أو إعادة تأهيلهم لما بعد حالات الإصابة الحادة بهدف تعزيز تعافيهم تماماً، أو أولئك المرضى ممن يعاونون من إصابات مزمنة أو حالات خلقية على الأجل الطويل.
وأضاف: يمكن أن تتمثّل هذه الخدمات في إعادة التأهيل لما بعد حالات الإصابة، مثل إصابات الدماغ الرضحية وإصابات الحبل الشوكي وغيرها من حالات الإصابة المؤلمة الناجمة عن إصابات العضلات والهيكل العظمي، هذا بالإضافة إلى خدمات الرعاية طويلة الأجل المخصصة للحالات والاضطرابات العصبية والخلقية مثل السكتة الدماغية والشلل الدماغي.
ويركز مركز كامبريدج للرعاية الطبية وإعادة التأهيل، باعتباره مزوّداً لخدمات إعادة التأهيل والرعاية طويلة الأجل الأكثر تنوعاً في دولة الإمارات، على دعم الأشخاص ممن يعانون من إصابات أو أمراض خطيرة من خلال إحراز تحسن ملموس في جوّدة حياتهم كي يتمكنوا من الاندماج داخل المجتمع بشكل طبيعي.
-ما هي محركات النمو في قطاع خدمات الرعاية الصحية لما بعد الإصابة بالحالات الحادة؟
ثمّة العديد من العوامل التي تدفع بعجلة نمو قطاع خدمات إعادة التأهيل لما بعد حالات الإصابة الحادة والرعاية الصحية طويلة الأجل في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي.
ولطالما اشتهرت الإمارات على مدار تاريخها بأنها دولة زاخرة بالشباب، ولكننا نشهد حالياً تحولاً في التكوين السكاني من حيث الأعمار حيث اتسعت الشريحة السكانية التي تقع ضمن نطاق الأعمار 45-65 عاماً. ومن شأن ذلك أن يساهم في زيادة الطلب على خدمات قطاعات الرعاية الطبية الجديدة لما بعد حالات الإصابة الحادة بسبب تطوّر نمط الحياة والأمراض المزمنة، مثل انتشار السكري (النوع 2) الذي يصيب الأفراد البالغين، والذي عادةً ما يتطلب رعاية على الأجل الطويل ضمن هذه الفئة العمرية.
فضلاً عن ذلك، نشهد ارتفاعاً متنامياً في حالات الإصابة الخلقية، وللأسف تتزايد أعداد المرضى في دول مجلس التعاون الخليجي ممن تأثروا بحوادث مثل الحالات التي شارفت على الغرق وحوادث المرور على الطرقات.
وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، اتضح لنا أن خدمات الرعاية المتخصصة تحرز نتائج ممتازة في رحلة استشفاء المرضى وتعافيهم، ويجري تقديم هذا النوع من الخدمات الطبية وبشكل متزايد خارج المستشفيات لتحقيق أفضل النتائج الممكنة للمرضى.
-كيف كان تأثير جائحة كوفيد-19 على قطاع خدمات رعاية ما بعد حالات الإصابة الحادة؟
وضعت جائحة كوفيد-19 جُملة من التحديات على قطاع الرعاية الصحية بأكمله لا سيّما مع تزايد الطلب غير المعهود على خدماته، بدايةً من المستشفيات الكبيرة التي تحتاج إلى تعزيز إمكاناتها في توفير المزيد من أجهزة التنفس الصناعي لاستيعاب المزيد من مرضى كوفيد-19، ووصولاً إلى مرافق الرعاية الطبية المتخصصة التي اضطرت إلى تعديل نماذجها العلاجية وترتيباتها لتعزيز إجراءات السلامة والأمان.
ولا شك أن هذه الجائحة قد ساهمت في زيادة الطلب على خدمات الرعاية الصحية المتخصصة التي تُقدم خارج نطاق المستشفيات. فعند الإصابة بفيروس كوفيد-19، تحتاج أنظمة الرعاية الصحية إلى توفير مساحة لأسرة المستشفيات وأجهزة التنفس الصناعي، في حين لم يرغب المرضى غير المصابين بهذا الفيروس في التواجد بنفس المستشفيات التي تعالج مرضى كوفيد-19.
وقد اضطلع مركز كامبريدج للرعاية الطبية وإعادة التأهيل بدور ريادي في دعم نظام الرعاية الصحية العامة وتعزيز قدرته على مواجهة مخاوفه التي تمثّلت في تدفق مرضى كوفيد-19 بشكل كبير على المستشفيات، وذلك بعدما تم قبول هؤلاء المرضى في المستشفيات الحكومية وغيرها من مستشفيات الرعاية الصحية لحالات ما بعد الإصابة الحادة، مما حقق نتائج ممتازة للمرضى الإضافيين الذين استقبلناهم.
وقمنا كذلك بدعم المرضى غير المصابين ممن تعافوا من كوفيد-19 خلال رحلة استشفائهم وإعادة تأهليهم، خاصةً بعدما يتم فصلهم عن أجهزة التنفس الاصطناعي ويكونوا بحاجة إلى رعاية طبية لإعادة تأهيلهم.
–هناك طلب كبير على موظفي الرعاية الصحية في أنحاء العالم؛ كيف استطعتم توفير نفس مستوى رعاية الصحية لعدد متزايد من المرضى خلال هذا الوقت القصير؟
نحرص دوماً على أن يحصل مرضانا على نسبة كبيرة من الرعاية والاهتمام، لذلك نؤكد على أهمية تواجد نسبة من الأطباء والممرضين أعلى من عدد المرضى والاحتفاظ بهم على المدى الطويل.
تمتلك إدارة الموارد البشرية لدينا علاقات دولية قوية، نستفيد منها في استقطاب أفراد الطاقم الطبي ذوي الخبرة من مجموعة واسعة من البلدان أكثر من أي وقت مضى. ويعمل معظم موظفونا معنا منذ سنوات عديدة ولدينا معدل احتفاظ عالي بالكادر الطبي.
لطالما انصب تركيزنا على توفير ثقافة قائمة على الضيافة العائلية ضمن بيئة منزلية. وتساهم هذه البيئة في تحقيق نتائج أفضل للمرضى وكذلك في التقدم الوظيفي لكادرنا. كما ساعد ذلك في إرساء درجة عالية من الاستقرار في قاعدة موظفينا وسمح لنا بالاستمرار في تقديم مستوى رفيع من الرعاية التي يتوقعها مرضانا ويستحقونها.
-برأيك، ما هي فرص التوسع في المنطقة؟
نرى فرصاً للنمو في دول مجلس التعاون الخليجي وفقاًللتغييرات التي تطرأ على التكوين السكاني، والمدفوعة بدورها بازدياد الطلب على خطوط الخدمات الجديدة، والتي نواصل إدخالها سواء كان ذلك داخل المركز أو من خلال عمليات الاستحواذ.
فعلى سبيل المثال، أطلقنا برنامجاً جديداً للشلل الدماغي لم يكن له أي بند أو إطار تنظيمي سابق، كما قدمنا أيضاً رعاية للمرضى خارج المركز وبرامج لمساعدة المرضى على التخلص من أجهزة التنفس الاصطناعي.
ونقف على أساسات ثابتة تدعم عملية نمونا، فقد أنشأنا منصة متكاملة للرعاية التأهيلية التي تعقب الإصابة الحادة، والتي تجمع بين المنظّمين والطاقم المدرّب الذي يركز أفراده على تقديم أرقى مستويات الرعاية، وخدمة الأعمال المتكاملة.
نتطلع أيضاً إلى التوسع في مدن أخرى من خلال الاستثمارات في منشآت جديدة أو موجودة حالياً، وتوسيع مقدراتنا في مواقعنا الحالية. وفي أبوظبي، قمنا بزيادة عدد الأسرة المرخصة لدينا من 90 إلى 106 أسرّة، ونتطلع إلى إضافة أسرة جديدة في أنحاء مدينة العين. وفي المملكة العربية السعودية، أسسنا أول منشأة لدينا في الظهران، حيث أننا ندرس فرص نمو إضافية في جميع أنحاء المملكة.