حوار:راندا جرجس
الكاتب الكبير يعقوب الشاروني، مبدع من رواد كُتاب الأطفال في مصر العالم العربي، حقق آفاقاً بعيد المدي، يمتلك أسلوباً سهلاً وبسيطاً يصل لقلب الطفل دون عناء، يسعى دائماً لاكتشاف اللغة التي تُخاطب الصغار بحسب العصر الذين يعيشون فيه، وتربت على كتاباته أجيالاً واجيال على مدي سبعون عاماً من العطاء الإبداعي المستمر، أصدر او كتاب للأطفال في عام 1959، وسافر لفرنسا في عام 1969 لدراسة أساليب العمل الثقافي بين الجماهير خاصة في مجال ثقافة الطفل، ليبدأ مشوار حياته الذي بات مليئاً بالنجاحات المتتالية والجوائز الدولية والمحلية، وقد بلغ عدد أعماله التي نشرت للأطفال أكثر من 400 كتاب تم ترجمة عدد كبير منها إلى أكثر من لغة أجنبية، ومن الموسوعات التي قدمها موسوعة “ألف حكاية وحكاية”، “العالم بين يديك”، “أجمل الحكايات الشعبية”، “كيف نلعب مع أطفالنا” وغيرها العديد مما شارك في تنمية عقل وذكاء الطفل، ومازال عطائه مستمراً.
بدأ الشارونى حديثة عن بداياته وقال: “كنت اعتبر الكتابة للأطفال نشاط جانبي بجانب كتاباتي للكبار، وتغيرت حياتي عندما استلمت جائزة المسرح من الرئيس السابق جمال عبد الناصر في عام 1960، وجاءت نقطة الانطلاق، عندما ناداني ثروت عكاشة وزير الثقافة حينها، عندما أسس قصور الثقافة قائلاً ” احنا عاوزين فنانين مش موظفين” وبالفعل تركت العمل في القضاء وتفرغت بشكل كامل للفن والكتابة، وأرسلني في بعثة إلى فرنسا عام 1969 لدراسة أساليب العمل الثقافي بين الجماهير، وكيفية التعامل مع الكبار والأطفال، وهنا كانت الاستفادة والخبرة حيث أن الاحتكاك بالثقافات الغربية عندما يتحد مع الخلفيات العربية يفجر إبداع مختلف وجديد للطاقات.
وعن اختلاف طفل اليوم عن الأمس قال”قبل ان نسأل عن عوامل التغيير في أطفالنا، يجب ان نسئل أنفسنا أولاً عن البيئة والمؤثرات التي تحيط بالطفل، وقدرته على التفاعل مع الكبار، ففي السابق كان يقف امام والده ضعيفاً وننصح الأباء بأن ينتبهوا على أبنائهم، أما اليوم فنقول لهم احترسوا لأنهم أصبحوا قوة معادية لكم، فهم صاروا أقوياء بما يتعلمه من خلال الإلكترونيات الحديثة وما يتلقوه من الشاشات، فنحن الآن في عصر الصورة”.
تابع: “بما أننا نريد التطور فيجب أن نقدم للطفل ما يناسبه، وندرك أنهم من عمر يوم إلى 7 سنوات لا يقرأون فقط بالعين، وهو ما اطلق عليه في دراساتي “القراءة بالحواس الخمس”، وهذا ما يطبق في الغرب بالفعل حيث أنهم يهتمون بالأعمال الموجهة للطفل بابتكار كتب بها خصائص الألعاب لتشد انتباههم، وهناك العديد من الكتب التي تم انتاجها بهذا الشكل، وليس معنى ذلك اننا حولنا الكتاب الى لعبه ولكنها تعتبر مشاركة تفاعلية بين الطفل والكتاب، وهذا ما نفتقده في القصص العربية”.
ووجه الشارونى رسالة لجميع القائمين على كل ما يخص الأطفال “يجب ان ندرك اننا بحاجة إلى تطوير اساليبنا مع الطفل لكى تتماشى مع تطورات عصر الصورة، وكما أن الطفل تعود على مشاهدة الفيلم الخاص به في مدة تتراوح من 45 دقيقة الى ساعة وربع، فيجب أن نقلل ايضاً من صفحات الكتب التي يقرأها، وحتى كتب الكبار أصبحت لا تزيد عن 150 صفحة، فنحن في عصر يحتاج إلى والعمل بطريقة “قدم ما تريد ولكن بجرعات قليلة حتى ينتبه لك الأشخاص” ويجب أن نجيب على مجموعة من الأسئلة قبل الشروع في انتاج عمل موجه للأطفال، فهل أساليب الرسم أو اللغة تناسب عمر الطفل الموجهة إليه؟، ولابد ان يواكب النقد حركة الاعمال الموجهة للأطفال، ومتابعة ما يصدر ويتم تقييمه بشكل دقيق.
في زيارته الخامسة لمعرض الشارقة القرائي للطفل يؤكد الشاروني على أن هذا المعرض من اكثر المعارض شديدة الجاذبية والمصممة لكى يسعد بها الطفل، وتحية تقدير للقائمين عليه، الذين اهتموا بالألوان والرسوم والمكان الفسيح المتسع وتنوع الأنشطة، كما انهم يدركون جيدا أن معارض الأطفال لها مواصفات خاصة، ويقدم فيه ما يحتاجه الطفل بالطريقة التي يريدها، ولذلك اطلق عليه “مهرجان” فهو يمثل مدرسة عظمى ممتعة للأطفال وعائلاتهم، وهذا ليس غريباً على أن يقام هذا المهرجان على أرض الشارقة التي تكثف جهودها لخدمة كل ما يتعلق بالثقافة والفنون وكذلك الأطفال.