بقلم: الكاتبة والمخرجة المسرحية حنان دحلب
مع انتهاء أيام الشارقة المسرحية، وفى ظل التنوع المشهود فى العروض التى تم تقديمها، يتم التأكيد على أن كل جيل امتداداً لمن يسبقه، ينقل عنه ثم يضيف ويطور ليصنع تجربتة الخاصة، ويعبر عن رؤيته الإبداعية، وهو ما حدث فى المسرح الإماراتى على مر العقود السابقة، فبداية من جيل الرواد الذين أثروا الحركة المسرحية، وساهموا فى ترسيخ قاعدة ثابتة وقوية، حيث كان شغلهم الشاغل مع بدايات المدرسة القاسمية، التى كانت شرارة انطلاق أبو الفنون في الإمارات، ومع المراحل المتتالية، صارت وكأنها خريطة تمثل نجاحات الأجيال المتعاقبة.
ولا ننسى أن هناك العديد من الفنانين العرب الذين ساهموا، وكانوا جزءاً أصيلاً فى بناء هذا المشهد، وعلى سبيل المثال لا الحصر: الفنان جواد الأسدي، قاسم محمد، يحيى الحاج، والمنصف السويسي، وهو الذي أتاح الفرصة لظهور واكتشاف المواهب والمبدعين الإماراتيين أمثال الفنان عبدالله صالح، سالم الحتاوى، وجمال مطر وغيرهم من المبدعين فى مجال الكتابة والإخراج المسرحي، ممن تشاركوا فى تطور المسرح الإماراتى على مدى مراحل عديدة، حيث أهتمت البدايات بالتركيز على المجتمع المحلى ومشاكله وهمومه فكانت تناقش قضايا محلية تخص مجتمع الصيادين ومعاناة الاحتلال والصراع الطبقى وغيرها من القضايا التى تعبر عن المجتمع الإماراتى.
ثم صارت مبادرات التجريب، حيث يعد الفنان عبدالله المناعى صاحب المبادرة الأولى، وعلامة فارقة فى التجريب، فهو استطاع أن يخرج عن الشكل النمطى والتقليدى للعرض المسرحى الإماراتى، ويليه الفنان محمد العامرى وهو من جيل الشباب الذين اتخذوا مسلكاً ونهجا مختلفا فى التعامل مع النص، واستطاع أن يحلق بخياله الخصب فى سماء التجريب ويغوص فى النفس البشرية بعمق ليبحث عن مفردات ودلالات جديدة بالمسرح غير مسبوقة تجاوز بها المعقول، وبذلك تتحقق مقولة الفيلسوف الفرنسي فولتير:
“في المسرح وجوه مجتمع الأمة حيث يتكون فكر الشباب وذوقه .. إن المسرح بالفعل مدرسة دائمة لتعلم الفضيلة “.