بوصفها أرض التناقضات الآسرة والكنوز الخالدة، تدعو ألمانيا المسافرين لاستكشاف مواقع التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو، والتي يقدم كل منها نافذة على نسيج البلاد الغني بالثقافة والتاريخ. فمع 52 موقعاً جديراً بالاهتمام تنتشر عبر مناظرها الطبيعية الخلابة، تشكّل ألمانيا مركزاً للمعالم التراثية، وتدعو المغامرين للشروع في رحلة استكتشاف لا مثيل لها.
من بين هذه المواقع المرموقة التابعة لمنظمة اليونسكو، تقف “مدينة بامبيرغ القديمة Bamberg Old Town” كشاهد على هندسة العمارة في العصور الوسطى والتصميم الحضري. تقع هذه المدينة الخلابة في ولاية بافاريا، وهي تسحر الزوار بمركزها التاريخي الذي حافظ على طابعه العريق، والذي يعرض مزيجاً متناغماً من المباني الرومانية والقوطية وعصر النهضة والعصر الباروكي. تُعرف بامبيرغ أيضاً بمدينة حدائق السوق، وهي الصفة التي حملتها منذ العصور الوسطى. وتتجلى هذه المشاهد الخضراء اليوم في الحدائق المتعددة والفريدة من نوعها في ألمانيا، والتي تقع في وسط المدينة.
من ناحية ثانية، وفي قلب مدينة برلين تقع “جزيرة المتاحف Museum Island“ بمبانيها الخمسة التي تشبه المعابد، والتي تضم كنوزاً تعود إلى 6000 عام من تاريخ البشرية. من المتحف القديم إلى المتحف الجديد والمعرض المؤقت الجديد بعنوان “متحف بيرغامون. البانوراما”، يمكن للزوار استكشاف آلاف السنين من تاريخ البشرية والإنجازات الفنية. تُعدّ جزيرة المتاحف أيضاً موطناً للتمثال النصفي الشهير لنفرتيتي، والذي يتجاوز عمره الـ 3000 عام. وقد دخلت هذه المنطقة ضمن قائمة منظمة اليونيسكو للتراث العالمي في العام 1999، وهي أشبه بمحور أساسي يضمّ شبكة المتاحف في المدينة، والتي تُعد أكبر مشروع استثماري ثقافي في أوروبا.
أما بالنسبة لأولئك الذين يبحثون عن عجائب الطبيعة الخلابة، يشكّل “وادي الراين الأوسط العلوي Upper Middle Rhine Valley” خياراً مثالياً بمناظره الطبيعية الآسرة وقلاعه الرومانسية. يمتد موقع اليونسكو للتراث العالمي هذا من بينجن إلى كوبلنز، ويأخذ الزوّار في رحلات بحرية بالقوارب على طول المناظر الخلابة لنهر الراين، مما يسمح للمسافرين بالانغماس في الجمال الفاتن لكروم العنب التي تمتاز بها المنطقة، ومدنها التي تعود إلى العصور الوسطى، وقلاعها التاريخية العريقة. ويمكن الوصول بسهولة إلى وادي الراين الأوسط العلوي بالقطار أو بالسيارة، حيث يعدكم برحلة لا تُنسى عبر جمال الطبيعة في ألمانيا.
في المقابل، ومن خلال التعمق في عصور ما قبل التاريخ، تقدم “الكهوف وفنون العصر الجليدي في منطقة سفابيان جورا Caves and Ice Age Art in the Swabian Jura“، لمحة رائعة عن الحضارة الإنسانية في المراحل التاريخية المبكرة. فمنذ حوالي 35 إلى 40 ألف عام، أقام البشر في ستة كهوف في منطقة سفابيان جورا، وتركوا وراءهم أدلة فريدة على مساعيهم الإبداعية، بحيث تُعتبر اليوم من أقدم الأعمال الفنية والآلات الموسيقية التي تم اكتشافها حتى الآن في أي مكان في العالم. ومن هنا، وباعتبارها شواهد أثرية مهمة، تمّ إدراج الكهوف التي تضمّ أقدم فنون العصر الجليدي، إلى قائمة مواقع التراث العالمي في عام 2017.
أما فيما يتعلق بالمرافق الطبيعية الخلابة في البلاد، توفر “غابات الزان القديمة Germany’s Ancient Beech Forests” في ألمانيا ملاذاً هادئاً لمحبي الطبيعة وعشاق الهواء الطلق. تنتشر هذه الغابات القديمة في مناطق مختلفة، بما في ذلك متنزه هاينيتش الوطني ومتنزه كيليرفالد-إيديرسي الوطني، وتأسر الزوار بأشجارها الشاهقة ونظمها البيئية المتنوعة. لا توجد غابات الزان غير الملوثة هذه في أي مكان آخر في العالم سوى في ألمانيا، ويمكن الوصول إليها بسهولة بالقطار أو السيارة، حيث توفر تجربة غامرة في التراث الطبيعي للبلاد.
وبحسب يامينا صوفو، مديرة التسويق والمبيعات في المكتب الوطني الألماني للسياحة في دول مجلس التعاون الخليجي “تُعتبر ألمانيا وجهة غنية بالتاريخ والثقافة والجمال الطبيعي. ففيها، تقدم مواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو لمحة عن روح بلادنا، وتستعرض قروناً من الإنجازات البشرية إلى جانب المناظر الطبيعية المذهلة التي شكلت هويتنا، سواء من خلال التجول في المدن القديمة أو عبر استكشاف فنون ما قبل التاريخ، فمن المؤكد أن المسافرين سيجدون الإلهام والكثير الإبهار في كل زاوية. إن الحفاظ على هذه المواقع لا يكرّم ماضينا فحسب، ولكنه يساهم أيضاً في إلهام الأجيال القادمة لتقدير ثراء تراثنا، وتعزيز المزيد من الارتباط بتاريخنا المشترك والعالم من حولنا“.
وفي هذا الإطار، من المهم ان نلفت إلى أن ألمانيا، التي تحافظ على مكانتها البارزة في المؤشر العالمي للعلامات التجارية الوطنية، تُعتبر أفضل مثال على التأثير العميق للسياحة الثقافية على هويتها الوطنية ونظرة العالم إليها. كما أن حصولها على المركز الثاني في مؤشر NBI للصور في عام 2023، بعد ست سنوات من الهيمنة المستمرة، يؤكد الجاذبية الدائمة التي تمتاز بها. أما صعودها إلى المرتبة الخامسة في فئة الثقافة والتراث، فيسلّط الضوء على الدور المحوري للثراء الثقافي في تشكيل صورتها العالمية. فعلى مدى عقد من الزمن، احتفظت ألمانيا بكل فخر بلقب وجهة السفر الثقافية الأولى في أوروبا للأوروبيين، مما يدعو الزوّار من منطقة مجلس التعاون الخليجي وخارجها، إلى الانغماس في نسيجها الغني بالتاريخ والفن والتقاليد. إن هذه الجاذبية المستدامة لا تساهم فقط في تعزيز صناعة السياحة في البلاد، بل تُعدّ أيضاّ بمثابة شهادة على الأهمية الدائمة للتراث الثقافي في تكريس التبادل والتفاهم بين الثقافات.
فسواء كنت مسافراً مع العائلة، أو كنتَ من هواة التاريخ، أو من عشاق الطبيعة، أو من محبي الثقافة، فإن مواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو في ألمانيا تقدم ما يثير اهتمام للجميع. ولتسهيل الاستكشاف، أنشأت ألمانيا ثمانية طرق فردية، بما في ذلك طريق الثقافة الصناعية، الطريق النشط، الطريق العائلي، الطريق الساحلي، الطريق الثقافي، طريق العافية، طريق السفر عبر الزمن، وطريق الإيمان. وترشد هذه المسارات المسافرين عبر المناظر الطبيعية المتنوعة في ألمانيا وعبر التراث الثقافي الغني، مما يضمن تجربة غنية لا تُنسى للجميع.
وبالنسبة لأولئك الذين يبحثون عن الوقت المثالي لاستكشاف هذه المواقع الشهيرة، توفر أشهر الربيع والصيف طقساً مثالياً للمغامرات الخارجية والرحلات الثقافية. فمن مايو إلى سبتمبر، يمكن للزوّار الاستمتاع بدرجات حرارة معتدلة والمزيد من ساعات شروق الشمس، مما يجعله الوقت المثالي للتنزه في الشوارع المرصوفة بالحصى في مدينة بامبيرج القديمة، أو القيام برحلة بحرية على طول نهر الراين في وادي الراين الأوسط العلوي، أو المشي لمسافات طويلة عبر غابات الزان القديمة في ألمانيا.
ويمكن للمسافرين من منطقة دول مجلس التعاون الخليجي الوصول بسهولة إلى هذه الوجهات الساحرة عبر رحلات جوية مباشرة إلى المدن الألمانية الكبرى مثل برلين وهامبورغ ودوسلدورف وميونيخ وفرانكفورت. فخيارات الطيران المريحة متاحة بسهولة، مما يضمن للمسافرون فرصة أكبر للانغماس في تراث البلاد الغني وجمالها الخالد دون أي متاعب.
لذا، انطلق في رحلة عبر الزمن والثقافة في ألمانيا، حيث تنتظرك متعة استكشاف الكثير من مواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو. لمزيد من المعلومات حول هذه المواقع البالغ عددها 52 موقعاً، تفضل بزيارة https://www.germany.travel/en/